النظر والاستدلال، كقول من قال: سل الأرض من شق أنهارك: وغرس أشجارك، وجنى ثمارك، فإنها إن لم تجبك جهارا أجابتك اعتبارا، وههنا سؤال النبي صلى الله عليه وآله عن الأنبياء الذين كانوا قبله ممتنع، وكان المراد منه انظر في هذه المسألة بعقلك وتدبر فيه بنفسك، والله أعلم (1).
قوله تعالى: " فأنا أول العابدين " قال الطبرسي رحمه الله: فيه أقوال: أحدها:
إن كان للرحمن ولد على زعمكم فأنا أول من عبد الله وحده وأنكر قولكم.
وثانيها: أن (إن) بمعنى (ما) والمعنى ما كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين لله المقرين بذلك.
وثالثها: أن معناه لو كان له ولد لكنت أنا أول الآنفين من عبادته، لان من يكون له ولد لا يكون إلا جسما محدثا، ومن كان كذلك لا يستحق العبادة من قولهم:
عبدت من الامر، أي أنفت منه.
ورابعها: أنه يقول: كما أني لست أول من عبد الله فكذلك ليس لله ولد.
وخامسها: أن معناه لو كان له ولد لكنت أول من يعبده بأن له ولدا، ولكن لا ولد له، فهذا تحقيق لنفي الولد وتبعيد له، لأنه تعليق محال بمحال (2).
وقال البيضاوي: " على شريعة " على طريقة " من الامر " أمر الدين " فاتبعها " فاتبع شريعتك الثابتة بالحجج " ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون " آراء الجهال التابعة للشهوات، وهم رؤساء قريش، قالوا: ارجع إلى دين آبائك " إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا " مما أراد بك (3).
قوله: " ليغفر لك الله " قال السيد المرتضى رضي الله عنه في التنزيه: أما من نفى عنه صلى الله عليه وآله صغائر الذنوب مضافا إلى كبائرها، فله عن هذه الآية أجوبة: منها: أنه أراد تعالى