بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٧ - الصفحة ٧٥
ذكرنا في هذه الآية وجها اخترناه وهو أشبه بالظاهر مما تقدم، وهو أن يكون المراد بقوله: " ما تقدم من ذنبك " الذنوب إليك، لان الذنب مصدر، والمصدر يجوز إضافته إلى الفاعل والمفعول معا، ألا ترى أنهم يقولون: أعجبني ضرب زيد عمرو، إذا أضافوه إلى المفعول، ومعنى المغفرة على هذا التأويل هي الإزالة والفسخ والنسخ لأحكام أعدائه من المشركين عليه، وذنوبهم إليه في منعهم إياه عن مكة، وصدهم له عن المسجد الحرام وهذا التأويل يطابق ظاهر الكلام حتى تكون المغفرة غرضا في الفتح ووجها له، وإلا فإذا أراد مغفرة ذنوبه لم يكن لقوله: " إنا فتحنا لك فتحا مبينا * ليغر لك الله " معنى معقول، لان المغفرة للذنوب لا تعلق لها بالفتح، وليست غرضا فيه، فأما قوله: " ما تقدم من ذنبك وما تأخر " فلا يمتنع أن يريد به ما تقدم زمانه من فعلهم القبيح بك وبقومك وما تأخر، وليس لاحد أن يقول: إن سورة الفتح نزلت على رسول الله صلى الله عليه وآله بين مكة و المدينة وقد انصرف من الحديبية، وقال قوم من المفسرين: إن الفتح أراد به فتح خيبر، لأنه كان تاليا لتلك الحال، وقال آخرون: بل أراد به، أنا قضينا لك في الحديبية قضاء حسنا، فكيف تقولون ما لم يقله أحد من أن المراد بالآية فتح مكة، والسورة (1) قبل ذلك بمدة طويلة، وذلك أن السورة وإن كانت نزلت في الوقت الذي ذكر، وهو قبل فتح مكة فغير ممتنع أن يريد بقوله تعالى: " إنا فتحنا لك فتحا مبينا " فتح مكة، ويكون على طريق البشارة له والحكم له بأنه سيدخل مكة، وينصره الله على أهلها، ولهذا نظائر في القرآن ومما يقوي أن الفتح في السورة أراد به فتح مكة قوله تعالى: " لتدخلن المسجد الحرام إنشاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا (2) " والفتح القريب ههنا هو فتح خيبر، فأما حمل الفتح على القضاء الذي قضاه في الحديبية فهو خلاف الظاهر ومقتضى الآية، لان الفتح بالاطلاق الظاهر منه: الظفر والنصر، ويشهد له قوله تعالى: " وينصرك الله نصرا عزيزا (3) "

(١) في المصدر: والسورة نزلت قبل ذلك.
(٢) الفتح: ٢٧.
(٣) الفتح: ٣.
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 13: وجوب طاعته وحبه والتفويض إليه صلى الله عليه وآله وفيه 29 حديثا. 1
3 باب 14: باب العشرة معه وتفخيمه وتوقيره في حياته وبعد وفاته صلى الله عليه وآله وفيه 16 حديثا. 15
4 باب 15: عصمته وتأويل بعض ما يوهم خلاف ذلك فيه 21 حديثا. 34
5 باب 16: سهوه ونومه صلى الله عليه وآله عن الصلاة، فيه 17 حديثا. 97
6 باب 17: علمه صلى الله عليه وآله وما دفع إليه من الكتب والوصايا وآثار الأنبياء عليهم السلام ومن دفعه إليه وعرض الأعمال عليه وعرض أمته عليه وأنه يقدر على معجزات الأنبياء فيه 62 حديثا. 130
7 باب 18: فصاحته وبلاغته صلى الله عليه وآله فيه حديثان. 156
8 * أبواب معجزاته صلى الله عليه وآله * باب 1: إعجاز أم المعجزات: القرآن الكريم وفيه بيان حقيقة الإعجاز وبعض النوادر. فيه 24 حديثا. 159
9 باب 2: جوامع معجزاته صلى الله عليه وآله ونوادرها. فيه 18 حديثا. 225
10 باب 3: ما ظهر له صلى الله عليه وآله شاهدا على حقيته من المعجزات السماوية والغرائب العلوية من انشقاق القمر و رد الشمس وحبسها وإضلال الغمامة وظهور الشهب ونزول الموائد والنعم من السماء وما يشاكل ذلك زائدا على ما مضى في باب جوامع المعجزات فيه 19 حديثا. 347
11 باب 4: معجزاته صلى الله عليه وآله في إطاعة الأرضيات من الجمادات والنباتات له وتكلمها معه صلى الله عليه وآله. فيه 59 حديثا. 363
12 باب 5: ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في الحيوانات بأنواعها وإخبارها بحقيته، وفيه كلام الشاة المسمومة زائدا على ما مر في باب جوامع المعجزات. فيه 47 حديثا. 390