ما يخالفه، فيرجع إلى الله في ذلك، وهو كقوله " إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون (1) " وكقوله تعالى: " وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله (2) " ومن الناس من قال: لا يجوز حمل الأمنية على تمني القلب، لأنه لو كان كذلك لم يكن ما يخطر ببال رسول الله صلى الله عليه وآله فتنة للكفار، وذلك يبطله قوله:
" ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض ".
والجواب: لا يبعد أنه إذا قوي التمني اشتغل الخاطر به، فحصل به السهو في الافعال الظاهرة بسببه فيصير ذلك فتنة للكفار انتهى كلامه (3).
وقال السيد المرتضى قدس الله الله روحه في التنزيه بعد نقل بعض الروايات السابقة:
قلنا: أما الآية فلا دلالة في ظاهرها على هذه الخرافة التي قصوا بها (4)، وليس يقتضي الظاهر إلا أحد أمرين: إما أن يريد بالتمني التلاوة كما قال حسان (5)، أو تمني القلب، فإن أراد التلاوة كان المراد أن من ارسل قبلك من الرسل كان إذا تلاما يؤديه إلى قومه حرفوا عليه وزادوا فيما يقوله ونقصوا، كما فعلت اليهود في الكذب على نبيهم عليه السلام، فأضاف ذلك إلى الشيطان، لأنه يقع بوسوسته وغروره، ثم بين أن الله تعالى يزيل ذلك ويدحضه (6) بظهور حججه وينسخه، ويحسم (7) مادة الشبهة به، وإنما خرجت الآية على هذا الوجه مخرج التسلية له صلى الله عليه وآله، لما كذب المشركون عليه، وأضافوا إلى تلاوته من مدح آلهتهم ما لم يكن فيها، وإن كان المراد تمني القلب فالوجه في الآية أن الشيطان - متى تمنى بقلبه (8) بعض ما يتمناه من الأمور - يوسوس إليه بالباطل، ويحدثه