بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٧ - الصفحة ٦٠
مانعة من اتفاق الجمع العظيم في الساعة الواحدة على حال واحدة (1) في المحسوسات.
وثالثها: لو كان كذلك لم يكن مضافا إلى الشيطان.
الوجه الثاني: قالوا: إن ذلك الكلام كلام شيطان الجن، وذلك بأن تكلم بكلام من تلقاء نفسه أوقعه في درج تلك التلاوة (2) ليظن أنه من جنس الكلام المسموع من الرسول، قالوا: والذي يؤكده أنه لا خلاف أن الجن (3) والشياطين متكلمون، فلا يمتنع أن يأتي الشيطان بصوت مثل صوت الرسول صلى الله عليه وآله فيتكلم بهذه الكلمات في أثناء كلام الرسول صلى الله عليه وآله، وعند سكوته، فإذا سمع الحاضرون ظنوا أنه كلام الرسول (4) ثم لا يكون هذا قادحا في النبوة لما لم يكن فعلا له، وهذا أيضا ضعيف، فإنك إذا جوزت أن يتكلم الشيطان في أثناء كلام الرسول صلى الله عليه وآله بما يشتبه على السامعين كونه كلاما للرسول بقي هذا الاحتمال في كل ما يتكلم به الرسول، فيفضي إلى ارتفاع الوثوق عن كل الشرع (5).
فإن قيل: هذا الاحتمال قائم في الكل، ولكنه لو وقع لوجب في حكمة الله أن يشرح الحال فيه، كما في هذه الواقعة، إزالة للتلبيس.
قلنا: لا يجب على الله إزالة الاحتمالات كما في المتشابهات، وإذا لم يجب على الله ذلك يمكن الاحتمال في الكل.
الوجه الثالث: أن يقال: المتكلم بذلك بعض شياطين الانس وهم الكفرة، فإنه صلى الله عليه وآله لما انتهي في قراءة هذه السورة إلى هذا الموضع وذكر أسماء آلهتهم وقد علموا من عادته أنه يعيبها فقال بعض من حضر: تلك الغرانيق العلى، فاشتبه الامر على القوم لكثرة لغط (6) القوم، وكثرة صياحهم وطلبهم تغليطه، وإخفاء قراءته، ولعل

(1) في المصدر: على خيال واحد فاسد في المحسوسات.
(2) في المصدر: أوقعه في درج تلك التلاوة في بعض وقفاته.
(3) في المصدر: لا خلاف في أن الجن.
(4) في المصدر: فإذا سمع الحاضرون تلك الكلمة بصوت مثل صوت الرسول صلى الله عليه وآله وما رأوا شخصا آخر ظن الحاضرون أنه كلام الرسول.
(5) مضافا إلى أنه يجب على النبي صلى الله عليه وآله بعد ذلك إزالة الشبهة وبيان الحق.
(6) اللغط: الصوت والجلبة، أو أصوات مبهمة لا تفهم
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 13: وجوب طاعته وحبه والتفويض إليه صلى الله عليه وآله وفيه 29 حديثا. 1
3 باب 14: باب العشرة معه وتفخيمه وتوقيره في حياته وبعد وفاته صلى الله عليه وآله وفيه 16 حديثا. 15
4 باب 15: عصمته وتأويل بعض ما يوهم خلاف ذلك فيه 21 حديثا. 34
5 باب 16: سهوه ونومه صلى الله عليه وآله عن الصلاة، فيه 17 حديثا. 97
6 باب 17: علمه صلى الله عليه وآله وما دفع إليه من الكتب والوصايا وآثار الأنبياء عليهم السلام ومن دفعه إليه وعرض الأعمال عليه وعرض أمته عليه وأنه يقدر على معجزات الأنبياء فيه 62 حديثا. 130
7 باب 18: فصاحته وبلاغته صلى الله عليه وآله فيه حديثان. 156
8 * أبواب معجزاته صلى الله عليه وآله * باب 1: إعجاز أم المعجزات: القرآن الكريم وفيه بيان حقيقة الإعجاز وبعض النوادر. فيه 24 حديثا. 159
9 باب 2: جوامع معجزاته صلى الله عليه وآله ونوادرها. فيه 18 حديثا. 225
10 باب 3: ما ظهر له صلى الله عليه وآله شاهدا على حقيته من المعجزات السماوية والغرائب العلوية من انشقاق القمر و رد الشمس وحبسها وإضلال الغمامة وظهور الشهب ونزول الموائد والنعم من السماء وما يشاكل ذلك زائدا على ما مضى في باب جوامع المعجزات فيه 19 حديثا. 347
11 باب 4: معجزاته صلى الله عليه وآله في إطاعة الأرضيات من الجمادات والنباتات له وتكلمها معه صلى الله عليه وآله. فيه 59 حديثا. 363
12 باب 5: ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في الحيوانات بأنواعها وإخبارها بحقيته، وفيه كلام الشاة المسمومة زائدا على ما مر في باب جوامع المعجزات. فيه 47 حديثا. 390