مانعة من اتفاق الجمع العظيم في الساعة الواحدة على حال واحدة (1) في المحسوسات.
وثالثها: لو كان كذلك لم يكن مضافا إلى الشيطان.
الوجه الثاني: قالوا: إن ذلك الكلام كلام شيطان الجن، وذلك بأن تكلم بكلام من تلقاء نفسه أوقعه في درج تلك التلاوة (2) ليظن أنه من جنس الكلام المسموع من الرسول، قالوا: والذي يؤكده أنه لا خلاف أن الجن (3) والشياطين متكلمون، فلا يمتنع أن يأتي الشيطان بصوت مثل صوت الرسول صلى الله عليه وآله فيتكلم بهذه الكلمات في أثناء كلام الرسول صلى الله عليه وآله، وعند سكوته، فإذا سمع الحاضرون ظنوا أنه كلام الرسول (4) ثم لا يكون هذا قادحا في النبوة لما لم يكن فعلا له، وهذا أيضا ضعيف، فإنك إذا جوزت أن يتكلم الشيطان في أثناء كلام الرسول صلى الله عليه وآله بما يشتبه على السامعين كونه كلاما للرسول بقي هذا الاحتمال في كل ما يتكلم به الرسول، فيفضي إلى ارتفاع الوثوق عن كل الشرع (5).
فإن قيل: هذا الاحتمال قائم في الكل، ولكنه لو وقع لوجب في حكمة الله أن يشرح الحال فيه، كما في هذه الواقعة، إزالة للتلبيس.
قلنا: لا يجب على الله إزالة الاحتمالات كما في المتشابهات، وإذا لم يجب على الله ذلك يمكن الاحتمال في الكل.
الوجه الثالث: أن يقال: المتكلم بذلك بعض شياطين الانس وهم الكفرة، فإنه صلى الله عليه وآله لما انتهي في قراءة هذه السورة إلى هذا الموضع وذكر أسماء آلهتهم وقد علموا من عادته أنه يعيبها فقال بعض من حضر: تلك الغرانيق العلى، فاشتبه الامر على القوم لكثرة لغط (6) القوم، وكثرة صياحهم وطلبهم تغليطه، وإخفاء قراءته، ولعل