بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٧ - الصفحة ٥٤
قبضنا ذلك كسرناها وأسلمنا، فهم بتأجيلهم فنزلت عن الكلبي، فقال: " وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك " إن مخففة عن الثقيلة، والمعنى أن المشركين هموا و قاربوا أن يزيلوك ويصرفوك عن حكم القرآن " لتفتري علينا غيره " أي لتخترع علينا غير ما أوحيناه إليك، والمعنى لتحل محل المفتري، لأنك تخبر أنك لا تنطق إلا عن وحي، فإذا اتبعت أهوائهم أوهمت أنك تفعله بأمر الله فكنت كالمفتري " وإذا لاتخذوك خليلا " أي لتولوك وأظهروا صداقتك (1) " ولولا أن ثبتناك " أي ثبتنا قلبك على الحق والرشد بالنبوة والعصمة والمعجزات، وقيل: بالألطاف الخفية " لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا " أي لقد قاربت أن تسكن إليهم بعض السكون، يقال: كدت أفعل كذا، أي قاربت أن أفعله ولم أفعله، وقد صح عنه صلى الله عليه وآله قوله: " وضع عن أمتي ما حدثت به نفسها ما لم يعمل به أو يتكلم " قال ابن عباس: يريد حيث سكت عن جوابهم والله أعلم بنيته، ثم توعده سبحانه على ذلك لو فعله فقال: " إذا لأذقناك ضعف الحيات وضعف الممات " أي لو فعلت ذلك لعذبناك ضعف عذاب الحياة وضعف عذاب الممات (2)، لان ذنبك أعظم، وقيل: المراد بالضعف العذاب المضاعف ألمه، قال ابن عباس: رسول الله صلى الله عليه وآله معصوم، ولكن هذا تخفيف لامته لئلا يركن أحد من المؤمنين إلى أحد من المشركين في شئ من أحكام الله وشرائعه " ثم لا تجد لك علينا نصيرا " أي ناصرا ينصرك (3).
وقال الرازي: احتج الطاعنون في عصمة الأنبياء عليهم السلام بهذه الآية بوجوه:

(1) فيه حذف واختصار والموجود في المصدر هكذا معناه وإنك لو أجبتهم إلى ما طلبوا منك لتولوك وأظهروا خلتك أي صداقتك لموافقتك معهم، وقيل: من الخلة التي، هي الحاجة أي فقيرا محتاجا إليهم، والأول أوجه.
(2) في المصدر: أي مثلي ما نعذب به المشرك في الدنيا، ومثلي ما نعذب به المشرك في الآخرة لان ذنبك يكون أعظم.
(3) مجمع البيان 6: 431 و 432 أقول: الآية وأمثالها تدل على أنه تعالى امتن عليه باعطائه ملكة العصمة وتثبيته بها عن الوقوع في المعاصي: ولولا أن الله عصمه، وتركه على حالة البشرية وطبعها لركن إليهم قليلا، فليس فيها دلالة على صدور ذنب أو مقاربته له.
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 13: وجوب طاعته وحبه والتفويض إليه صلى الله عليه وآله وفيه 29 حديثا. 1
3 باب 14: باب العشرة معه وتفخيمه وتوقيره في حياته وبعد وفاته صلى الله عليه وآله وفيه 16 حديثا. 15
4 باب 15: عصمته وتأويل بعض ما يوهم خلاف ذلك فيه 21 حديثا. 34
5 باب 16: سهوه ونومه صلى الله عليه وآله عن الصلاة، فيه 17 حديثا. 97
6 باب 17: علمه صلى الله عليه وآله وما دفع إليه من الكتب والوصايا وآثار الأنبياء عليهم السلام ومن دفعه إليه وعرض الأعمال عليه وعرض أمته عليه وأنه يقدر على معجزات الأنبياء فيه 62 حديثا. 130
7 باب 18: فصاحته وبلاغته صلى الله عليه وآله فيه حديثان. 156
8 * أبواب معجزاته صلى الله عليه وآله * باب 1: إعجاز أم المعجزات: القرآن الكريم وفيه بيان حقيقة الإعجاز وبعض النوادر. فيه 24 حديثا. 159
9 باب 2: جوامع معجزاته صلى الله عليه وآله ونوادرها. فيه 18 حديثا. 225
10 باب 3: ما ظهر له صلى الله عليه وآله شاهدا على حقيته من المعجزات السماوية والغرائب العلوية من انشقاق القمر و رد الشمس وحبسها وإضلال الغمامة وظهور الشهب ونزول الموائد والنعم من السماء وما يشاكل ذلك زائدا على ما مضى في باب جوامع المعجزات فيه 19 حديثا. 347
11 باب 4: معجزاته صلى الله عليه وآله في إطاعة الأرضيات من الجمادات والنباتات له وتكلمها معه صلى الله عليه وآله. فيه 59 حديثا. 363
12 باب 5: ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في الحيوانات بأنواعها وإخبارها بحقيته، وفيه كلام الشاة المسمومة زائدا على ما مر في باب جوامع المعجزات. فيه 47 حديثا. 390