بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٧ - الصفحة ٦٢
لم آتك بهذا، فحزن رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أن نزلت هذه الآية، وهذا أيضا ضعيف من وجوه:
أحدها: أنه لو جاز هذا السهو لجاز في سائر المواضع، وحينئذ تزول الثقة عن الشرع.
وثانيها: أن الساهي لا يجوز أن يقع منه مثل هذه الألفاظ المطابقة لوزن السورة وطريقتها ومعناها، فإنا نعلم بالضرورة أن واحدا لو أنشد قصيدة لما جاز أن يسهو حتى يتفق منه بيت شعر في وزنها ومعناها وطريقتها.
وثالثها: هب أنه تكلم بذلك سهوا، فكيف لم ينتبه (2) لذلك حين قرأها على جبرئيل عليه السلام وذلك ظاهر.
وأما الوجه الثاني فهو أنه صلى الله عليه وآله تكلم قسرا بذلك فهو الذي قال قوم: إن الشيطان أجبر النبي صلى الله عليه وآله على التكلم به، وهذا أيضا فاسد لوجوه:
أحدها: أن الشيطان لو قدر على ذلك في حق النبي صلى الله عليه وآله لكان اقتداره علينا أكثر، فوجب أن يزيل الشيطان الناس عن الدين، ولجاز في أكثر ما يتكلم به الواحد منا أن يكون ذلك بإجبار الشيطان.
وثانيها: أن الشيطان لو قدر على هذا الاجبار لارتفع الأمان عن الوحي، لقيام هذا الاحتمال.
وثالثها: أنه باطل بدلالة قوله تعالى حاكيا عن الشيطان: " وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم (3) " وقال تعالى:
" إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون * إنما سلطانه على الذين يتولونه (4) " وقال: " إلا عبادك منهم المخلصين (5) " ولا شك أنه صلى الله عليه وآله كان سيد المخلصين.
وأما الوجه الثالث وهو أنه صلى الله عليه وآله تكلم بذلك اختيارا وههنا وجهان:

(١) هكذا في نسخة المصنف، والصواب كما في غيرها وفى المصدر: لم يتنبه.
(٣) إبراهيم: ٢٢.
(٤) النحل ٩٩ و ١٠٠.
(٥) الحجر: ٤٠.
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 13: وجوب طاعته وحبه والتفويض إليه صلى الله عليه وآله وفيه 29 حديثا. 1
3 باب 14: باب العشرة معه وتفخيمه وتوقيره في حياته وبعد وفاته صلى الله عليه وآله وفيه 16 حديثا. 15
4 باب 15: عصمته وتأويل بعض ما يوهم خلاف ذلك فيه 21 حديثا. 34
5 باب 16: سهوه ونومه صلى الله عليه وآله عن الصلاة، فيه 17 حديثا. 97
6 باب 17: علمه صلى الله عليه وآله وما دفع إليه من الكتب والوصايا وآثار الأنبياء عليهم السلام ومن دفعه إليه وعرض الأعمال عليه وعرض أمته عليه وأنه يقدر على معجزات الأنبياء فيه 62 حديثا. 130
7 باب 18: فصاحته وبلاغته صلى الله عليه وآله فيه حديثان. 156
8 * أبواب معجزاته صلى الله عليه وآله * باب 1: إعجاز أم المعجزات: القرآن الكريم وفيه بيان حقيقة الإعجاز وبعض النوادر. فيه 24 حديثا. 159
9 باب 2: جوامع معجزاته صلى الله عليه وآله ونوادرها. فيه 18 حديثا. 225
10 باب 3: ما ظهر له صلى الله عليه وآله شاهدا على حقيته من المعجزات السماوية والغرائب العلوية من انشقاق القمر و رد الشمس وحبسها وإضلال الغمامة وظهور الشهب ونزول الموائد والنعم من السماء وما يشاكل ذلك زائدا على ما مضى في باب جوامع المعجزات فيه 19 حديثا. 347
11 باب 4: معجزاته صلى الله عليه وآله في إطاعة الأرضيات من الجمادات والنباتات له وتكلمها معه صلى الله عليه وآله. فيه 59 حديثا. 363
12 باب 5: ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في الحيوانات بأنواعها وإخبارها بحقيته، وفيه كلام الشاة المسمومة زائدا على ما مر في باب جوامع المعجزات. فيه 47 حديثا. 390