فارتفع بكاء الناس وحنينهم وأنينهم، وارتفع حنين الجذع وأنينه في حنين الناس وأنينهم ارتفاعا بينا، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك نزل عن المنبر وأتى الجذع فاحتضنه ومسح عليه يده، وقال: أسكن فما تجاوزك رسول الله تهاونا بك، ولا استخفافا بحرمتك، ولكن ليتم لعباد الله مصلحتهم، ولك جلالك وفضلك إذ كنت مستند محمد رسول الله، فهدأ حنينه وأنينه، وعاد رسول الله صلى الله عليه وآله إلى منبره، ثم قال: معاشر المسلمين هذا الجذع يحن إلى رسول رب العالمين، ويحزن لبعده عنه، ففي (1) عباد الله الظالمين أنفسهم من لا يبالي:
قرب من رسول الله أم بعد، ولولا (2) أني احتضنت هذا الجذع، ومسحت يدي (3) عليه ما هدأ حنينه إلى يوم القيامة، وإن من عباد الله وإمائه لمن يحن إلى محمد رسول الله وإلى علي ولي الله كحنين هذا الجذع، وحسب المؤمن أن يكون قلبه على موالاة محمد و علي وآلهما الطيبين منطويا، أرأيتم شدة حنين هذا الجذع إلى محمد رسول الله؟
وكيف هدأ لما احتضنه محمد رسول الله ومسح يده (4) عليه؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وآله والذي بعثني بالحق نبيا، إن حنين خزان الجنان وحور عينها وسائر قصورها ومنازلها إلى من يوالي (5) محمدا وعليا و آلهما الطيبين ويبرأ (6) من أعدائهما لأشد من حنين هذا الجذع الذي رأيتموه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإن الذي يسكن حنينهم وأنينهم ما يرد عليهم من صلاة أحدكم معاشر شيعتنا على محمد وآله الطيبين، أو صلاة (7) نافلة، أو صوم أو صدقة، وإن من عظيم ما يسكن حنينهم إلى شيعة محمد وعلي ما يتصل بهم من إحسانهم إلى إخوانهم المؤمنين، ومعونتهم لهم على دهرهم، يقول أهل الجنان بعضهم لبعض: لا تستعجلوا