التراب أبدانهما، ووضعا على الأرض بين يديه خدودهما، وقالا: السلام عليك يا حليف الندى،، ومعدن النهى، ومحل الحجى، وعالما بما في الصحف الأولى، ووصي المصطفى، السلام عليك يامن أسعد الله به محبيه، وأشقى بعداوته شانئيه، وجعله (1) سيد آل محمد وذويه، السلام عليك يامن لو أحبه أهل الأرض كما يحبه أهل السماء، لصاروا خيار الأصفياء، ويا من لو أحس بأقل قليل من بغضه من أنفق في سبيل الله ما بين العرش إلى الثرى، لانقلب بأعظم الخزي والمقت من العلي الاعلى، قال: فعجب أصحاب رسول الله الذين كانوا معه، قالوا يا رسول الله ما ظننا أن لعلي هذا المحل من السباع مع محله منك، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فكيف لو رأيتم محله من سائر الحيوانات المبثوثات في البر والبحر وفي السماوات والأرض، والحجب والعرش والكرسي، والله لقد رأيت من تواضع أملاك سدرة المنتهى لمثال علي المنصوب بحضرتهم ليشبعوا بالنظر إليه بدلا من النظر إلى علي كلما اشتاقوا إليه ما يصغر في جنبه تواضع هذين الذئبين، وكيف لا يتواضع الاملاك و غيرهم من العقلاء لعلي وهذا رب العزة قد آلى على نفسه قسما (2) لا يتواضع أحد لعلي قيس (3) شعرة إلا رفعه الله في علو الجنان مسيرة مأة ألف سنة، وإن التواضع الذي تشاهدونه يسير قليل في جنب هذه الجلالة والرفعة اللتين عنهما تخبرون.
وأما حنين العود إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فإن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يخطب بالمدينة إلى جذع (4) نخلة في صحن مسجدها، فقال له بعض أصحابه (5): يا رسول الله إن الناس قد كثروا، وإنهم يحبون النظر إليك إذا خطبت، فلو أذنت أن نعمل لك منبرا له مراقي (6) ترقاها فيراك الناس إذا خطبت، فأذن في ذلك، فلما كان يوم الجمعة مر بالجذع فتجاوزه إلى المنبر فصعده، فلما استوى عليه حن ذلك الجذع حنين الثكلى، وأن أنين الحبلى،