من سعة البيت الذي كان ضيقا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ايتنا بما عملته، فجاءه بالحريرة الملبقة بالسمن والعسل، وبالحمل المشوي، فقال ابن أبي: يا رسول الله صلى الله عليه وآله كل أنت أولا قبلهم، ثم ليأكل صحبك هؤلاء: علي ومن معه، ثم يطعم هؤلاء، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله. كذلك أفعل، فوضع رسول الله صلى الله عليه وآله يده على الطعام، ووضع علي عليه السلام يده معه، فقال ابن أبي: ألم يكن الامر على أن يأكل علي مع أصحابك (1)؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا عبد الله إن عليا أعلم بالله وبرسوله منك إن الله ما فرق فيما مضى بين محمد وبين علي، ولا يفرق فيما يأتي أيضا بينهما، إن عليا كان وأنا معه نورا واحدا، عرضنا الله عز وجل على أهل سماواته وأرضيه وسائر حجبه وجنانه وهوائه (2)، وأخذ لنا عليهم العهود والمواثيق ليكونن لنا ولأوليائنا موالين، ولأعدائنا معاندين، ولمن نحبه محبين، ولمن نبغضه مبغضين (3)، ما زالت إرادتنا واحدة، ولا تزال لا أريد إلا ما يريد، ولا يريد إلا ما أريد، يسرني ما يسره، ويؤلمني ما يؤلمه، فدع يا ابن أبي عليا فإنه أعلم بنفسه وبي منك، قال ابن أبي: نعم يا رسول الله، وأفضى إلى جد ومعتب (4)، فقال: أردنا واحدا فصارا اثنين الآن يموتان جميعا ونكفاهما جميعا، وهذا لحينهما (5) وسعادتنا، فلو بقي علي بعده لعله كان يجالد أصحابنا هؤلاء، وعبد الله بن أبي قد جمع جميع أصحابه ومتعصبيه حول داره ليضعوا السيف على (6) أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله إذا مات بالسم، ثم وضع رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام يدهما (7) في الحريرة الملبقة بالسمن والعسل فأكلا حتى شبعا، ثم وضع من اشتهى خاصرة الحمل ومن اشتهى صدره منهم فأكلا (8) حتى شبعا، وعبد الله ينظر ويظن أن لا يلبثهم (9) السم فإذا هم لا