فإن كلمانا (1) ووجدناهما يرعيان غنمه، وإلا كنا على رأس أمرنا، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله و معه جماعة كثيرة من المهاجرين والأنصار، فلما رأوا القطيع من بعيد قال الراعي: ذاك قطيعي، فقال المنافقون: فأين الذئبان؟ فلما قربوا رأوا الذئبين يطوفان حول الغنم يردان عنها كل شئ يفسدها، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله: أتحبون أن تعلموا أن الذئب ماعنى غيري بكلامه؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: أحيطوا بي حتى لا يراني الذئبان، فأحاطوا به، فقال للراعي: يا راعي قل للذئب: من محمد الذي ذكرته من بين (2) هؤلاء؟
قال: فجاء الذئب إلى واحد منهم وتنحى عنه، ثم جاء إلى آخر (3) وتنحى عنه، فما زال (4) حتى دخل وسطهم فوصل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله هو وانثاه، وقالا: السلام عليك يا رسول الله رب العالمين (5)، وسيد الخلق أجمعين، ووضعا خدودهما على التراب ومرغاها (6) بين يديه، وقالا: نحن كنا دعاة إليك بعثنا إليك هذا الراعي وأخبرناه بخبرك، فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المنافقين معه فقال: ما للكافرين عن هذا محيص، ولا للمنافقين عن هذا (7) موئل ولا معدل.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: هذه واحدة، قد علمتم صدق الراعي فيها، أفتحبون أن تعلموا صدقه في الثانية قالوا: بلى يا رسول الله، قال: أحيطوا بعلي بن أبي طالب، ففعلوا ثم نادى رسول الله أيها (8) الذئبان إن هذا محمد، قد أشرتما للقوم إليه وعينتما عليه، فأشيرا وعينا علي بن أبي طالب الذي ذكرتماه بما ذكرتماه، قال فجاء (9) الذئبان وتخللا القوم وجعلا يتأملان الوجوه والاقدام، وكل من تأملاه أعرضا عنه حتى بلغا عليا، فلما تأملاه مرغا في