فقال رسول الله صلى الله عليه وآله - وأشار إلى حجر فيه قدر خمسة أرطال (1) - يا أيها الحجر تدحرج فتدحرج، فقال (2) لمخاطبة: خذه وقربه من اذنك فسيعيد عليك ما سمعت، فإن هذا جزء من ذلك الجبل، فأخذه الرجل فأدناه إلى أذنه فنطق الحجر بمثل ما نطق به الجبل أولا من تصديق رسول الله صلى الله عليه وآله وفيما (3) ذكره عن قلوب اليهود، فيما (4) أخبر به من أن نفقاتهم في دفع أمر محمد باطل ووبال عليهم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله أسمعت هذا؟ أخلف هذا الحجر أحد يكلمك يوهمك (5) أنه الحجر يكلمك؟ قال: لا، فأتني بما اقترحت في الجبل، فتباعد رسول الله صلى الله عليه وآله إلى فضاء واسع، ثم نادى الجبل: يا أيها الجبل بحق محمد وآله الطيبين الذين بجاههم ومسألة عباد الله بهم أرسل الله على قوم عاد ريحا صرصرا عاتية، تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل خاوية، وأمر جبرئيل أن يصيح صيحة في قوم صالح عليه السلام حتى صاروا كهشيم المحتظر، لما انقلعت من مكانك بإذن الله، وجئت إلى حضرتي هذه - ووضع يده على الأرض بين يديه - فتزلزل الجبل وسار كالقارح الهملاج (6) حتى دنا من أصبعه أصله فلزق (7) بها، ووقف ونادى: ها أنا ذا سامع لك مطيع يا رسول رب العالمين، وإن رغمت أنوف هؤلاء المعاندين فأمرني أأتمر بأمرك.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن هؤلاء افترحوا على أن آمرك أن تنقلع من أصلك فتصير نصفين، ثم ينحط أعلاك، ويرتفع أسفلك فتصير ذروتك (8) أصلك وأصلك ذروتك، فقال الجبل:
أفتأمرني بذلك يا رسول رب العالمين؟ قال: بلى، فانقطع نصفين وانحط أعلاه إلى الأرض وارتفع أسفله فوق أعلاه، فصار فرعه أصله، وأصله فرعه، ثم نادى الجبل: معاشر اليهود