منه، ثم جاء إلى الجانب الأيسر فتناول حملا فرميته بمقلاعتي فانتزعته، ثم جاء إلى الجانب الآخر فتناول حملا فرميته بمقلاعتي فانتزعته منه، ثم جاء الخامسة هو وانثاه يريد أن يتناول (1) حملا فأردت أن أرميه فأقعى (2) على ذنبه وقال: أما تستحيي تحول (3) بيني وبين رزق قد قسمه الله لي، أفما أحتاج أنا إلى غداء أتغدى به؟ فقلت: ما أعجب هذا ذئب أعجم يكلمني كلام الآدميين، فقال لي الذئب: ألا أنبئك بما هو أعجب من كلامي لك؟ محمد رسول رب العالمين بين الحرتين، يحدث الناس بأنباء ما قد سبق من الأولين وما لم يأت من الآخرين، ثم اليهود مع علمهم بصدقه ووجودهم (4) له في كتب رب العالمين بأنه أصدق الصادقين وأفضل الفاضلين يكذبونه ويجحدونه وهو بين الحرتين، و هو الشفاء النافع، ويحك يا راعي آمن به تأمن من عذاب الله، وأسلم له تسلم من سوء العذاب الأليم، فقلت له: والله لقد عجبت من كلامك، واستحييت من منعي لك ما تعاطيت أكله فدونك غنمي، فكل منها ما شئت لا أدافعك ولا أمانعك، فقال لي الذئب: يا عبد الله احمد الله (5) إذ كنت ممن يعتبر بآيات الله، وينقاد لامره، لكن (6) الشقي كل الشقي من يشاهد آيات محمد في أخيه علي بن أبي طالب عليه السلام، وما يؤديه عن الله عز وجل من فضائله وما يراه من وفور حظه من العلم (7) الذي لا نظير له فيه، والزهد الذي لا يحاذيه أحد فيه، والشجاعة التي لا عدل له فيها، ونصرته للاسلام التي لاحظ لاحد فيها مثل حظه، ثم يرى مع ذلك كله رسول الله يأمر بموالاته وموالات أوليائه والتبري من أعدائه ويخبر أن الله تعالى لا يقبل من أحد عملا وإن جل وعظم ممن يخالفه (8)، ثم هو مع
(٣٢٢)