ذلك يخالفه، ويدفعه عن حقه ويظلمه، ويوالي أعداء، ويعادي أولياءه إن هذا لأعجب من منعك إياي.
قال الراعي: فقلت: أيها الذئب أو كائن هذا؟ قال: بلى وما هو أعظم منه، سوف يقتلونه باطلا، ويقتلون ولده، ويسبون حريمهم (1)، وهم مع ذلك يزعمون أنهم مسلمون فدعواهم أنهم على دين الاسلام مع صنيعهم هذا بسادة أهل الاسلام أعجب من منعك لي لا جرم أن الله قد جعلنا معاشر الذئاب أنا ونظرائي من المؤمنين نمزقهم في النيران يوم فصل القضاء، وجعل في تعذيبهم شهواتنا، وفي شدائد آلامهم لذاتنا، قال الراعي: فقلت:
والله لولا هذه الغنم بعضها لي وبعضها أمانة في رقبتي لقصدت محمدا حتى أراه، فقال لي الذئب: يا عبد الله فامض إلى محمد، واترك علي غنمك لأرعاها لك، فقلت: كيف أثق بأمانتك؟
فقال لي: يا عبد الله إن الذي أنطقني بما سمعت هو الذي يجعلني قويا أمينا عليها، أو لست مؤمنا بمحمد، مسلما له ما أخبر به عن الله تعالى في أخيه علي عليه السلام؟ فامض لشأنك فإني راعيك، والله عز وجل ثم ملائكته المقربون رعاة لي، إذ كنت خادما لولي (2) علي، فتركت غنمي على الذئب والذئبة وجئتك يا رسول الله، فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله، في وجوه القوم، وفيها ما يتهلل سرورا به وتصديقا، وفيها من يعبس (3) شكا فيه وتكذيبا ويسر منافقون إلى أمثالهم: هذا قد واطأه محمد على هذا الحديث ليختدع (4) به الضعفاء الجهال، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: لئن شككتم أنتم فيه فقد تيقنته أنا وصاحبي الكائن معي في أشرف المحال من عرش الملك الجبار، والمطوف به معي في أنهار الحيوان من دار القرار، والذي هو تلوي (5) في قيادة الأخيار، والمتردد معي في الأصلاب الزاكيات المتقلب معي في الأرحام الطاهرات، الراكض معي في مسالك الفضل، والذي كسي ما كسيته من العلم والحلم والعقل، وشقيقي الذي انفصل مني عند الخروج إلى صلب عبد الله