بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٧ - الصفحة ٣١٥
كان ذات يوم في طريق له بين مكة والمدينة، وفي عسكره منافقون من المدينة، وكافرون من مكة ومنافقون لها (1)، وكانوا يتحدثون فيما بينهم بمحمد (2) صلى الله عليه وآله الطيبين وأصحابه الخيرين، فقال بعضهم لبعض: يأكل كما نأكل، وينفض كرشه من الغائط والبول كما ننفض، ويدعي أنه رسول الله، فقال بعض مردة المنافقين: هذه صحراء ملساء لأتعمدن النظر إلى استه إذا قعد لحاجته حتى أنظر هل الذي يخرج منه كما يخرج منا أم لا، فقال آخر (3) لكنك أن ذهبت تنظر معه منعه من أن يقعد، لأنه (4) أشد حياء من الجارية العذراء المحرمة (5)، قال: فعرف الله عز وجل ذلك (6) نبيه صلى الله عليه وآله فقال لزيد بن ثابت: اذهب إلى تينك الشجرتين المتباعدتين - يومئ إلى شجرتين بعيدتين قد أو غلتا (7) في المفازة، وبعدتا عن الطريق قدر ميل - فقف بينهما وناد أن رسول الله صلى الله عليه وآله يأمركما أن تلتصقا وتنضما، ليقضي رسول الله صلى الله عليه وآله خلفكما حاجته، ففعل ذلك زيد وقاله (8) فوالذي بعث محمدا بالحق نبيا إن الشجرتين انقلعتا بأصولهما من مواضعهما، وسعت كل واحدة منهما إلى الأخرى: سعي المتحابين، كل واحد منهما إلى الآخر: التقيا بعد طول غيبة، وشدة اشتياق، ثم تلاصقتا وانضمتا: انضمام متحابين في فراش في صميم (9) الشتاء، وقعد رسول الله صلى الله عليه وآله خلفهما، فقال أولئك المنافقون: قد استتر عنا، فقال بعضهم لبعض: فدوروا خلفه لتنظروا إليه. فذهبوا يدورون خلفه، فدارت الشجرتان كلما داروا، ومنعتاهم من النظر إلى عورته، فقالوا: تعالوا نتحلق حوله لتراه طائفة منا، فلما ذهبوا

(1) بها خ ل وفى المصدر: منها.
(2) لمحمد خ ل.
(3) الاخر خ ل.
(4) فإنه خ ل.
(5) في المصدر: العذراء الممتنعة المحرمة.
(6) محمدا خ ل وهو الموجود في المصدر المطبوع، وفى المخطوط: نبيه محمدا.
(7) أي التفتا واختلط ونشب بعض أغصانهما ببعض.
(8) وقالوا خ ل وفى المصدر المطبوع: وقال له. وفى المخطوط: فقاله.
(9) الصميم من البرد: شديده، ومن كل تفسير العياشي: خالصه ومحضه.
(٣١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 13: وجوب طاعته وحبه والتفويض إليه صلى الله عليه وآله وفيه 29 حديثا. 1
3 باب 14: باب العشرة معه وتفخيمه وتوقيره في حياته وبعد وفاته صلى الله عليه وآله وفيه 16 حديثا. 15
4 باب 15: عصمته وتأويل بعض ما يوهم خلاف ذلك فيه 21 حديثا. 34
5 باب 16: سهوه ونومه صلى الله عليه وآله عن الصلاة، فيه 17 حديثا. 97
6 باب 17: علمه صلى الله عليه وآله وما دفع إليه من الكتب والوصايا وآثار الأنبياء عليهم السلام ومن دفعه إليه وعرض الأعمال عليه وعرض أمته عليه وأنه يقدر على معجزات الأنبياء فيه 62 حديثا. 130
7 باب 18: فصاحته وبلاغته صلى الله عليه وآله فيه حديثان. 156
8 * أبواب معجزاته صلى الله عليه وآله * باب 1: إعجاز أم المعجزات: القرآن الكريم وفيه بيان حقيقة الإعجاز وبعض النوادر. فيه 24 حديثا. 159
9 باب 2: جوامع معجزاته صلى الله عليه وآله ونوادرها. فيه 18 حديثا. 225
10 باب 3: ما ظهر له صلى الله عليه وآله شاهدا على حقيته من المعجزات السماوية والغرائب العلوية من انشقاق القمر و رد الشمس وحبسها وإضلال الغمامة وظهور الشهب ونزول الموائد والنعم من السماء وما يشاكل ذلك زائدا على ما مضى في باب جوامع المعجزات فيه 19 حديثا. 347
11 باب 4: معجزاته صلى الله عليه وآله في إطاعة الأرضيات من الجمادات والنباتات له وتكلمها معه صلى الله عليه وآله. فيه 59 حديثا. 363
12 باب 5: ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في الحيوانات بأنواعها وإخبارها بحقيته، وفيه كلام الشاة المسمومة زائدا على ما مر في باب جوامع المعجزات. فيه 47 حديثا. 390