الأشجار الخضرة النضرة النزهة، وغمر (1) ما حوله من أنواع النور (2) بما لا يوجد إلا في فصول أربعة من السنة (3)، قال الجبل: بلى (4)، أشهد لك يا محمد بذلك، وأشهد أنك لو اقترحت على ربك أن يجعل رجال الدنيا قردا وخنازير لفعل، أو يجعلهم ملائكة لفعل، وأن يقلب النيران جليدا (5) والجليد نيرانا لفعل: أو يهبط السماء إلى الأرض أو يرفع الأرض إلى السماء لفعل، أو يصير أطراف المشارق والمغارب والوهاد (6) كلها صرة كصرة الكيس لفعل، وأنه قد جعل الأرض والسماء طوعك، والجبال والبحار تنصرف بأمرك وسائر ما خلق الله من الرياح والصواعق وجوارح الانسان وأعضاء الحيوان لك مطيعة، و ما أمرتها به من شئ ائتمرت.
فقالت اليهود: يا محمد أعلينا تشبه وتلبس؟ (7) قد أجلست مردة من أصحابك خلف صخور هذا (8) الجبل، فهم ينطقون بهذا الكلام، ونحن لا ندري أنسمع من الرجال أم من الجبال، لا يغتر بمثل هذا إلا ضعفاؤك الذين تبحبح (9) في عقولهم، فإن كنت صادقا فتنح من موضعك هذا إلى ذلك القرار، وأمر هذا الجبل أن ينقلع من أصله فيسير إليك إلى هناك، فإذا حضرك ونحن نشاهده فأمره أن ينقطع نصفين من ارتفاع سمكه، ثم ترتفع السفلى من قطعته فوق العليا، وتنخفض العليا تحت السفلى، فإذا أصل الجبل قلته (10) وقلته أصله لنعلم (11) أنه من الله، لا يتفق بمواطأة ولا بمعاونة مموهين متمردين.