ثم سجد سجدتين ثم سلم، ولم يذكروا التشهد، وفي الحديث دليل على أن من تحول عن القبلة ساهيا لا إعادة عليه انتهى.
أقول: لا يخفى عليك الاختلاف الواقع بيننا وبينهم في نقل هذا الخبر، ففي أكثر أخبارنا أنها كانت صلاة الظهر، وفي أكثر أخبارهم أنها كانت صلاة العصر، وفي بعض أخبارهم أنه سلم عن ركعتين، وفي بعضها أنه سلم عن ثلاث، وفي بعضها أنه صلى الله عليه وآله دخل منزله، وهو متضمن للاستدبار المبطل عندنا مطلقا، وفي بعضها ما ظاهره أنه كان في موضع الصلاة إلى غير ذلك من الاختلافات التي تضعف الاحتجاج بالخبر.
وقال الآبي في إكمال الاكمال بعض شروح صحيح مسلم في قوله: فقام ذو اليدين وفي رواية: رجل من بني سليم، وفي رواية: رجل يقال له: الخرباق، وكان في يده طول وفي رواية: رجل بسيط اليدين قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله صلاة العصر فسلم في ركعتين فقام ذو اليدين، وفي رواية: صلاة الظهر.
قال المحققون: هما قضيتان، وفي حديث عمران بن الحصين: وسلم في ثلاث ركعات من العصر، فهذه قضية ثالثة في يوم آخر، وفي قوله: " كل ذلك لم يكن " تأويلان:
أحدهما: لم يكن المجموع، ولا ينفي وجود أحدهما.
والثاني: وهو الصواب: لم يكن ذاك ولاذا في ظني بل ظني أني أكملت الصلاة أربعا، ثم قال: وهذا يدل على جواز النسيان في الافعال والعبادات على الأنبياء، وأنهم لا يقرون عليه، ونقلوا عن الزهري أن ذا اليدين قتل يوم بدر، وأن قصته في الصلاة كانت قبل بدر، قالوا: ولا يمنع من هذا كون أبي هريرة رواه وهو متأخر الاسلام عن بدر، لان الصحابي قد يروي ما لا يحضره، بأن يسمعه من النبي صلى الله عليه وآله أو صحابي آخر (1).
ثم أطال الكلام في ذلك إلى أن قال: وأما قولهم: إن ذا اليدين قتل يوم بدر فغلط، وإنما المقتول يوم بدر ذو الشمالين، ولسنا ندافعهم أن ذا الشمالين قتل يوم بدر، لان ابن إسحاق وغيره من أهل السير ذكروه فيمن قتل يوم بدر، قال ابن إسحاق ذوا