بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٧ - الصفحة ١١٩
وقوله تعالى: " فلا تنسى * إلا ما شاء الله (1)، " وما أسلفنا من الاخبار وغيرها، وإطباق الأصحاب إلا ما شذ منهم على عدم جواز السهو عليهم، مع دلالة بعض الآيات والاخبار عليه في الجملة، وشهادة بعض الدلائل الكلامية والأصول المبرهنة عليه، مع ما عرفت في أخبار السهو من الخلل والاضطراب، وقبول الآيات للتأويل، والله يهدي إلى سواء السبيل.
قال السيد المرتضى قدس الله روحه في كتاب تنزيه الأنبياء: فإن قيل: ما معنى قوله: " لا تؤاخذني بما نسيت (2) " وعندكم أن النسيان لا يجوز على الأنبياء عليهم السلام؟
فأجاب بأن فيه وجوها ثلاثة: أحدها: أنه أراد النسيان المعروف، وليس ذلك بعجب مع قصر المدة، فإن الانسان ينسى ما قرب زمانه لما يعرض له من شغل القلب وغير ذلك.
والوجه الثاني: أنه أراد لا تؤاخذني بما تركت، ويجري ذلك مجرى قوله تعالى " ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي (2) " أي ترك، وقد روي هذا الوجه عن ابن عباس، عن أبي بن كعب، عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: قال موسى عليه السلام: " لا تؤاخذني بما نسيت (3) " يقول: بما تركت من عهدك.
والوجه الثالث: أنه أراد لا تؤاخذني بما فعلته مما يشبه النسيان فسماه نسيانا للمشابهة، كما قال المؤذن لاخوة يوسف عليه السلام: " إنكم لسارقون (4) " أي أنكم تشبهون السراق، وإذا حملنا هذه اللفظة على غير النسيان الحقيقي فلا سؤال فيها، وإذا حملناه على النسيان في الحقيقة كان الوجه فيه أن النبي صلى الله عليه وآله إنما لا يجوز عليه النسيان فيما يؤديه، أو في شرعه، أو في أمر يقتضي التنفير عنه، فأما فيما هو خارج عما ذكرناه فلا مانع من النسيان، ألا ترى أنه إذا نسي أو سها في مأكله أو مشربه على وجه لا يستمر

(١) الاعلى: ٦ و ٧.
(٢) طه: ١١٥.
(٣) الكهف: ٧٣.
(٤) يوسف: ٧٠.
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 13: وجوب طاعته وحبه والتفويض إليه صلى الله عليه وآله وفيه 29 حديثا. 1
3 باب 14: باب العشرة معه وتفخيمه وتوقيره في حياته وبعد وفاته صلى الله عليه وآله وفيه 16 حديثا. 15
4 باب 15: عصمته وتأويل بعض ما يوهم خلاف ذلك فيه 21 حديثا. 34
5 باب 16: سهوه ونومه صلى الله عليه وآله عن الصلاة، فيه 17 حديثا. 97
6 باب 17: علمه صلى الله عليه وآله وما دفع إليه من الكتب والوصايا وآثار الأنبياء عليهم السلام ومن دفعه إليه وعرض الأعمال عليه وعرض أمته عليه وأنه يقدر على معجزات الأنبياء فيه 62 حديثا. 130
7 باب 18: فصاحته وبلاغته صلى الله عليه وآله فيه حديثان. 156
8 * أبواب معجزاته صلى الله عليه وآله * باب 1: إعجاز أم المعجزات: القرآن الكريم وفيه بيان حقيقة الإعجاز وبعض النوادر. فيه 24 حديثا. 159
9 باب 2: جوامع معجزاته صلى الله عليه وآله ونوادرها. فيه 18 حديثا. 225
10 باب 3: ما ظهر له صلى الله عليه وآله شاهدا على حقيته من المعجزات السماوية والغرائب العلوية من انشقاق القمر و رد الشمس وحبسها وإضلال الغمامة وظهور الشهب ونزول الموائد والنعم من السماء وما يشاكل ذلك زائدا على ما مضى في باب جوامع المعجزات فيه 19 حديثا. 347
11 باب 4: معجزاته صلى الله عليه وآله في إطاعة الأرضيات من الجمادات والنباتات له وتكلمها معه صلى الله عليه وآله. فيه 59 حديثا. 363
12 باب 5: ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في الحيوانات بأنواعها وإخبارها بحقيته، وفيه كلام الشاة المسمومة زائدا على ما مر في باب جوامع المعجزات. فيه 47 حديثا. 390