يزل في الفتيا ولا يخطئ في الجواب، ولا يسهو ولا ينسى، ولا يلهو بشئ (1) من أمر الدنيا - وساق الحديث الطويل إلى أن قال: - وعدلوا عن أخذ الاحكام من أهلها ممن فرض الله طاعتهم (2) ممن لا يزل ولا يخطئ ولا ينسى (3) " وغيرها من الأخبار الدالة بفحاويها على تنزههم عنها، وكيف يسهو في صلاته من كان يرى من خلفه كما يرى من بين يديه، ولم يغير النوم منه شيئا، ويعلم ما يقع في شرق الأرض وغربها، ويكون استغراقه في الصلاة بحيث لا يشعر بسقوط الرداء عنه ولا ما يقع عليه.
وقال المحقق الطوسي رحمه الله في التجريد: ويجب في النبي صلى الله عليه وآله العصمة ليحصل الوثوق، فيحصل الغرض، ولوجوب متابعته وضدها، وللانكار عليه، وكمال العقل والذكاء والفطنة وقوة الرأي وعدم السهو، وكلما ينفر عنه من دناءة الآباء وعهر (4) الأمهات والفظاظة والغلظ والابنة وشبهها والاكل على الطريق وشبهه (5).
وقال العلامة الحلي قدس الله روحه في شرح الكلام الأخير، أي يجب في النبي كمال العقل وهو ظاهر، وأن يكون في غاية الذكاء والفطنة وقوة الرأي بحيث لا يكون ضعيف الرأي، مترددا في الأمور متحيرا، لان ذلك من أعظم المنفرات عنه، وأن لا يصح عليه السهو لئلا يسهو عن بعض ما امر بتبليغه، وأن يكون منزها عن دناءة الآباء وعهر الأمهات، لان ذلك منفر عنه، وأن يكون منزها عن الفظاظة والغلظة لئلا تحصل النفرة عنه، وأن يكون منزها عن الأمراض المنفرة نحو الابنة، وسلس الريح، والجذام والبرص، وعن كثير من المباحات الصارفة عن القبول منه القادحة في تعظيمه نحو الاكل على الطريق وغير ذلك، لان كل ذلك مما ينفر عنه، فيكون منافيا للغرض من البعثة انتهى (6).