ولا على خاطره بالوساوس (1) وأما أقواله صلى الله عليه وآله فقامت الدلائل الواضحة بصحة المعجزة على صدقه، وأجمعت الأمة فيما كان طريقه البلاغ أنه معصوم فيه من الاخبار عن شئ منها بخلاف ما هو به لا قصدا ولا عمدا ولا سهوا وغلطا (2) وأما ما ليس سبيله سبيل البلاغ من الاخبار التي لا مستند لها إلى الاحكام ولا أخبار المعاد ولا تضاف إلى وحي بل في أمور الدنيا وأحوال نفسه فالذي يجب تنزيه النبي صلى الله عليه وآله عن أن يقع خبره في شئ من ذلك بخلاف مخبره لا عمدا ولا سهوا ولا غلطا، وأنه معصوم من ذلك في حال رضاه وفي حال سخطه وجده ومزحه وصحته ومرضه، ودليله اتفاق السلف وإجماعهم عليه، وذلك أنا نعلم من ديدن الصحابة وعادتهم ومبادرتهم إلى تصديق جميع أحواله والثقة بجميع أخباره في أي باب كانت، وعن أي شئ وقعت، وأنه لم يكن لهم توقف ولا تردد في شئ منها ولا استثبات عن حاله عند ذلك هل وقع فيها سهو أم لا (3).
وأيضا فإن الكذب متى عرف من أحد في شئ من الاخبار بخلاف ما هو على أي وجه كان استريب بخبره، واتهم في حديثه، ولم يقع قوله في النفوس موقعا، ثم قال: و الصواب تنزيه النبوة عن قليله وكثيره، وسهوه وعمده، إذ عمدة النبوة البلاغ، والاعلام والتبيين، وتجويز شئ من هذا قادح في ذلك مشكك.
ثم قال: فإن قلت: فما معنى قوله صلى الله عليه وآله في حديث السهو: كل ذلك لم يكن، فاعلم أن للعلماء في ذلك أجوبة: أما على القول بتجويز الوهم والغلط فيما ليس طريقه من القول البلاغ وهو الذي زيفناه فلا اعتراض بهذا الحديث وشبهه، وأما على مذهب من يمنع السهو والنسيان في أفعاله جملة، ويرى أنه في مثل هذا عامد بصورة النسيان ليسن فهو صادق في خبره، لأنه لم ينس ولا قصرت، وهو قول مرغوب عنه، وأما على إحالة السهو عليه في الأقوال وتجويز السهو عليه فيما ليس طريقه القول ففيه أجوبة:
منها أنه صلى الله عليه وآله أخبر عن اعتقاده وضميره، أما إنكار القصر فحق وصدق باطنا و