بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٧ - الصفحة ١١٣
اليسرى، وخرجت السرعان من أبواب المسجد، فقالوا: أقصرت الصلاة، وفي القوم أبو بكر وعمر فهاباه أن يكلماه، وفي القوم رجل في يده طول يقال له: ذو اليدين، فقال:
يا رسول الله أنسيت أم قصرت الصلاة فقال: لم أنس ولم تقصر، فقال: أكما قال ذو اليدين؟
فقالوا: نعم، فتقدم فصلى ما ترك، ثم سلم ثم كبر وسجوده مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبر ثم كبر، فربما سألوه: ثم سلم؟ فيقول: نبئت أن عمران بن حصين قال: ثم سلم.
هذا حديث متفق على صحته أخرجه مسلم عن عمرو الناقد وغيره، عن ابن عيينة، عن أيوب، عن ابن سيرين.
وقوله: خرجت السرعان هم المنصرفون عن الصلاة بسرعة، واحتج الأوزاعي بهذا الحديث على أن كلام العمد إذا كان من مصلحة الصلاة لا يبطل الصلاة، لان ذا اليدين تكلم عامدا، فكلم النبي صلى الله عليه وآله القوم عامدا والقوم أجابوا رسول الله صلى الله عليه وآله بنعم عامدين مع علمهم بأنهم لم يتموا الصلاة، ومن ذهب إلى أن غير كلام الناسي يبطل الصلاة زعم أن هذا كان قبل تحريم الكلام في الصلاة ثم نسخ، ولا وجه لهذا الكلام من حيث أن تحريم الكلام في الصلاة كان بمكة وحدوث هذا الامر إنما كان بالمدينة، لان راويه أبو هريرة وهو متأخر الاسلام وقد رواه عمران بن حصين وهجرته متأخرة، فأما كلام القوم فروي عن ابن سيرين أنهم أومأوا أي نعم، ولو صح أنهم قالوا بألسنتهم فكان ذلك جوابا لرسول الله صلى الله عليه وآله، وإجابة الرسول لا يبطل الصلاة، وأما ذو اليدين فكلامه كان على تقدير النسخ وقصر الصلاة، وكان الزمان زمان نسخ، فكان كلامه على هذا التوهم في حكم كلام الناسي، وكلام رسول الله صلى الله عليه وآله جرى على أنه أكمل الصلاة، فكان في حكم الناسي، وقوله: " لم أنس " دليل على أن من قال ناسيا: لم أفعل كذا وكان فعل لا يعد كاذبا، لان الخطأ والنسيان عن الانسان مرفوع.
وبسند آخر عن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وآله صلى العصر فسلم في ثلاث ركعات ثم دخل منزله فقام إليه رجل يقال له: الخرباق، وكان في يده طول فقال: أقصرت الصلاة؟ فخرج مغضبا يجر رداءه، فقال: أصدق هذا؟ قالوا: نعم، فصلى ركعة ثم سلم،
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 13: وجوب طاعته وحبه والتفويض إليه صلى الله عليه وآله وفيه 29 حديثا. 1
3 باب 14: باب العشرة معه وتفخيمه وتوقيره في حياته وبعد وفاته صلى الله عليه وآله وفيه 16 حديثا. 15
4 باب 15: عصمته وتأويل بعض ما يوهم خلاف ذلك فيه 21 حديثا. 34
5 باب 16: سهوه ونومه صلى الله عليه وآله عن الصلاة، فيه 17 حديثا. 97
6 باب 17: علمه صلى الله عليه وآله وما دفع إليه من الكتب والوصايا وآثار الأنبياء عليهم السلام ومن دفعه إليه وعرض الأعمال عليه وعرض أمته عليه وأنه يقدر على معجزات الأنبياء فيه 62 حديثا. 130
7 باب 18: فصاحته وبلاغته صلى الله عليه وآله فيه حديثان. 156
8 * أبواب معجزاته صلى الله عليه وآله * باب 1: إعجاز أم المعجزات: القرآن الكريم وفيه بيان حقيقة الإعجاز وبعض النوادر. فيه 24 حديثا. 159
9 باب 2: جوامع معجزاته صلى الله عليه وآله ونوادرها. فيه 18 حديثا. 225
10 باب 3: ما ظهر له صلى الله عليه وآله شاهدا على حقيته من المعجزات السماوية والغرائب العلوية من انشقاق القمر و رد الشمس وحبسها وإضلال الغمامة وظهور الشهب ونزول الموائد والنعم من السماء وما يشاكل ذلك زائدا على ما مضى في باب جوامع المعجزات فيه 19 حديثا. 347
11 باب 4: معجزاته صلى الله عليه وآله في إطاعة الأرضيات من الجمادات والنباتات له وتكلمها معه صلى الله عليه وآله. فيه 59 حديثا. 363
12 باب 5: ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في الحيوانات بأنواعها وإخبارها بحقيته، وفيه كلام الشاة المسمومة زائدا على ما مر في باب جوامع المعجزات. فيه 47 حديثا. 390