الشمالين هو عمير بن عمرو بن غيشان من خزاعة، قال أبو عمرو: فذو اليدين غير ذي الشمالين المقتول ببدر بدليل حضور أبي هريرة، وما ذكرنا من قصة ذي اليدين أن المتكلم رجل من بني سليم كما ذكره مسلم، وفي رواية ابن الحصين اسمه الخرباق، فذوا اليدين الذي شهد السهو سلمي، وذو اليدين المقتول ببدر خزاعي يخالفه في الاسم والنسب (1) انتهى وقال القاضي عياض في كتاب الشفاء: اعلم أن الطواري من التغيرات والآفات على آحاد البشر لا تخلو أن تطرأ على جسمه أو على حواسه بغير قصد واختيار، كالأمراض والأسقام، أو بقصد واختيار، وكله في الحقيقة عمل وفعل، ولكن جرى رسم المشايخ بتفصيله إلى ثلاثة أنواع: عقد بالقلب، وقول باللسان، وعمل بالجوارح، وجميع البشر تطرأ عليهم الآفات والتغييرات بالاختيار وبغير الاختيار في هذه الوجوه كلها، والنبي صلى الله عليه وآله وإن كان من البشر ويجوز على جبلته صلى الله عليه وآله ما يجوز على جبلة البشر فقد قامت البراهين القاطعة وتمت كلمة الاجماع على خروجه عنهم، وتنزيهه عن كثير من الآفات التي تقع على الاختيار وعلى غير الاختيار، فأما حكم عقد قلب النبي صلى الله عليه وآله من وقت نبوته فاعلم أن ما تعلق منه بطريق التوحيد والعلم بالله وصفاته والايمان به و بما أوحى إليه فعلى غاية المعرفة، ووضوح العلم واليقين، والانتفاء عن الجهل بشئ من ذلك أو الشك أو الريب فيه، والعصمة من كل ما يضاد المعرفة بذلك واليقين هذا ما وقع عليه إجماع المسلمين، ولا يصح بالبراهين الواضحة أن يكون في عقود الأنبياء سواه (2) وأما عصمتهم من هذا الفن قبل النبوة فللناس فيه خلاف، والصواب أنهم معصومون قبل النبوة من الجهل بالله وصفاته، والشك في شئ من ذلك (3).
وأما ما عدا هذا الباب من عقود قلوبهم فجماعها أنها مملوة علما ويقينا على الجملة وأنها قد احتزت (4) من المعرفة بأمور الدين والدنيا ما لا شئ فوقه (5) واعلم أن الأمة مجمعة على عصمة النبي صلى الله عليه وآله من الشيطان، وكفايته منه، لا في جسمه بأنواع الأذى،