يريد أنه لم يجتمع قصر الصلاة والسهو فكان قد حصل أحدهما ووقع.
وهذا باطل من وجهين:
أحدهما: أنه لو كان أراد ذلك لم يكن جوابا عن السؤال، والجواب عن غير السؤال لغو لا يجوز وقوعه من النبي صلى الله عليه وآله.
والثاني: أنه لو كان كما ادعوه لكان صلى الله عليه وآله ذاكرا به من غير اشتباه في معناه، لأنه قد أحاط علما بأن أحد الشيئين كان دون صاحبه، ولو كان كذلك لارتفع السهو الذي ادعوه، وكانت دعواهم باطلة بلا ارتياب، ولم يكن أيضا معنى لمسألته حين سأل عن قول ذي اليدين، وهل هو على ما قال أو على غير ما قال؟ لان هذا السؤال يدل على اشتباه الامر عليه فيما ادعاه ذو اليدين، ولا يصح وقوع مثله من متيقن لما كان في الحال.
فصل، ومما يدل على بطلان الحديث أيضا اختلافهم في جبران الصلاة التي ادعوا السهو فيها، والبناء على ما مضى منها، والإعادة لها، فأهل العراق يقولون: إنه أعاد الصلاة لأنه تكلم فيها والكلام في الصلاة يوجب الإعادة عندهم، وأهل الحجاز ومن مال إلى قولهم: يزعمون أنه بنى على ما مضى ولم يعد شيئا ولم يقض، وسجد لسهوه سجدتين، ومن تعلق بهذا الحديث من الشيعة يذهب فيه إلى مذهب أهل العراق، لأنه تضمن كلام النبي صلى الله عليه وآله في الصلاة عمدا، والتفاته عن القبلة إلى من خلفه، وسؤاله عن حقيقة ما جرى، ولا يختلف فقهاؤهم في أن ذلك يوجب الإعادة: والحديث متضمن أن النبي صلى الله عليه وآله بنى على ما مضى ولم يعد، وهذا الاختلاف الذي ذكرناه في هذا الحديث أدل دليل على بطلانه، وأوضح حجة في وضعه واختلافه.
فصل: على أن الرواية له من طريق الخاصة والعامة كالرواية من الطريقين معا أن النبي صلى الله عليه وآله سها في صلاة الفجر وكان قد قرأ في الأولة منهما سورة النجم حتى انتهى إلى قوله: " أفرأيتم اللات والعزى * ومناة الثالثة الأخرى (1) " فألقى الشيطان على لسانه: تلك الغرانيق العلى * وإن شفاعتهن لترتجي، ثم نبه على سهوه فخر ساجدا،