بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٩٣
سيفه ليسقيه سما " فأجابوه إلى ذلك وافترقوا، ثم اجتمعوا بايلة (1)، وخرجوا بجمالهم محملة بالتجارة، وساروا حتى وصلوا مكة، فلما دخلوها سمعوا من ورائهم صوتا وهو يقول:
قصدتم لأزر القوم في السر والجهر * تريدون مكرا " بالمعظم في القدر ومن غالب الرحمن لا شك إنه * سيرميه باريه بقاصمة الظهر ستضحون يا شر الأنام كأنكم * نعام أسيقت للذباحة والنحر فلما سمعوا كلام الهاتف هالهم ذلك وهموا بالرجوع، فقال لهم هيوبا: لا تخافوا من كلام هذا الهاتف، فإن هذا الوادي قد كثر فيه الكهان والشياطين، وإن هذا الهاتف هو شيطان قد علم قصدكم فعند ذلك تبادر القوم، فكان كل من لقاهم يحدثهم بحسن عبد الله وجماله، فوقع في قلوبهم الكمد (2) والحسد، فجعلوا يسومون متاعهم ولا يبيعون منه شيئا "، وإنما يريدون بذلك المقام بمكة والحيلة في قتل عبد الله فأقبل يوما " عبد المطلب وهو قابض على يده ولده عبد الله، ومر باليهود، وكان عبد الله قد رأى رؤيا أفزعته، فخرج مرعوبا " إلى أبيه فقال: ما أصابك يا بني (3)؟ قال: رؤيا هالتني، قال: رأيت سيوفا " مجردة في أيدي قردة وهم قعود على أدبارهم، وأنا أنظر إليهم وهم يهزون السيوف ويشيرون بها إلي فعلوت عنها (4) في الهواء، فبينما أنا كذلك وإذا بنار قد نزلت من السماء فزادتني خوفا، وقلت: كيف خلاصي منها؟ فبينما أنا كذلك وإذا بالنار قد وقعت على القردة فأحرقتهم عن آخرهم، فزادني ذلك رعبا "، فقال له أبوه: وقاك الله يا بني شر ما تحاذر من الحساد والأضداد (5)، فإن الناس يحسدونك على هذا النور الذي في وجهك، ولكن

(1) ثم اجتمعوا إليه خ ل، وفي المصدر: وافترقوا على أنهم يجتمعون بليلة.
(2) الكمد: الحزن والغم الشديد. وفي المصدر بعد ذلك: إلى أن وصلوا مكة. فلم يظهر عليهم أحد بما في نفوسهم: وظنوا أنهم تجار، وجعلوا يسومون.
(3) ما الذي بك يا بنى خ ل، وكذا في المصدر، وفيه بعد ذلك: صرف الله عنك المحذور، و وقاك ما تخافه من الشرور.
(4) في المصدر: فعلوت عنهم.
(5) وقاك الله يا بنى البلاء خ ل وفي المصدر: الرصاد مكان الأضداد.
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»
الفهرست