رحمة على العباد، ومن أحبه بشر بالشرف والحباء (1)، ومن أبغضه بسوء القضاء، وهو الذي عرض عليكم من قبل أن يخلق آدم عليه السلام الذي يسمى في السماء أحمد (2)، وفي الأرض محمدا " (2) وفي الجنة أبا القاسم (4)، فأجابته الملائكة بالتسبيح والتهليل والتقديس والتكبير لله رب العالمين، وفتحت أبواب الجنان، وغلقت أبواب النيران، وأشرفت الحور العين (5)، وسبحت الأطيار على رؤس الأشجار، فلما فرغ جبريل من أهل السماوات أمره الله أن ينزل في مأة ألف من الملائكة إلى أقطار الأرض، وإلى جبل قاف، وإلى خازن السحاب، وجملة ما خلق الله يبشرهم (6) بخروج رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم نزل إلى الأرض السابعة فأخبرهم بخبره، ومن أراد الله به خيرا " ألهمه محبته، ومن أراد به شرا " ألهمه بغضه، وزلزلت الشياطين، وصفدت (7) وطردت عن الأماكن التي كانوا يسترقون فيها السمع، ورجموا بالشهب.
قال صاحب الحديث: ولما كانت ليلة الجمعة عشية عرفة وكان عبد الله قد خرج هو وإخوته وأبوه. فبينما هم سائرون وإذا بنهر عظيم فيه ماء زلال، ولم يكن قبل ذلك اليوم هناك ماء فبقي عبد المطلب وأولاده متعجبين، فبينما عبد الله كذلك (8) إذ نودي يا عبد الله اشرب من هذا النهر، فشرب منه، وإذا هو أبرد من الثلج، وأحلى من العسل، وأزكى من المسك، فنهض مسرعا " والتفت إلى إخوته فلم يروا للنهر أثرا " فتعجبوا منه، ثم إن عبد الله مضى مسرعا " إلى منزله فرأته آمنة طائشا "، فقالت له: ما بالك (9)؟ صرف الله عنك الطوارق،