بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٤٩
وبينه وظننتم أنه من أحباركم وما هو إلا الشيطان أغواكم، ثم إن أبا سلمى عمد إلى إصلاح شأنه، ورجع القوم إلى أماكنهم وقد امتلؤا غيظا " على اليهود، فأقبل هاشم إلى منزله وأصلح الولائم (1)، وأمر العبيد أن يحملوا الجفان المترعة باللبن ولحوم الضأن والإبل، ثم إن عمروا " مضى إلى ابنته وقال لها: إن الرجل الذي يقول لك: إن هاشما " لجبان قد نطق بالمحال، والله لولا أمسكته وأحلف عليه ما ترك من القوم واحدا "، فقالت: يا أبت امض معهم على كل حال ولا ملامة للآئم (2)، قال: فلما أكلوا ورفعوا أيديهم قال لهم أبو سلمى:
يا معاشر السادات اصرفوا عن قلوبكم الغيظ وكل هم، فنحن لكم وابنتنا هدية، فقال له المطلب: لك ما ذكرناه وزيادة، ثم قال: يا أخي هاشم أرضيت بما تكلمت به عنك؟
قال: نعم، فعند ذلك تصافحوا، ومضى أبو سلمى وأخرج من كمه دنانير (3) ودراهم فنثر الدنانير على هاشم وأخيه المطلب، ونثر الدراهم على أصحابه، ونثر عليهم زرير المسك الأذفر، والكافور والعنبر، حتى غمر أطمارهم (4)، ثم قال: يا هاشم تحب الدخول على زوجتك هذه الليلة أو تصبر لها حتى تصلح لها شأنها (5)؟ قال: بل أصبر حتى تصلح شأنها، فعند ذلك أمر بتقديم مطاياهم، فركبوا وخرجوا، ثم إن هاشما " دفع إلى أخيه المطلب ما حضره من المال، وأمره أن يدفعه إلى سلمى، فلما جائها المطلب فرحت به وبذلك المال وقبلته، وقالت: يا سيد الحرم وخير من مشى على قدم سلم على أخيك وقل له: ما الرغبة إلا فيك (6)، فاحفظ منا ما حفظنا منك، ثم قالت: قل (7) له ما أقول لك، قال: قولي ما بدا لك، قالت: قل لأخيك: إني امرأة كان لي رجل اسمه أحيحة بن الجلاح (8) الأوسي، وكان كثير المال، فلما تزوجته اشترطت عليه أنه متى أساء إلي

(1) في المصدر: فلما جلس هاشم وأخوه وأصحابه مضى عمرو إلى منزله وأصلح الولائم.
(2) في المصدر: ولا تطمع ملامة اللائم.
(3) وخرج وفي كمه دنانير خ ل ومثله ما في المصدر.
(4) الاطمار جمع الطمر: الثوب.
(5) في المصدر: حتى تصلح شأنها.
(6) في نسخة وفي المصدر: الا فيه.
(7) في المصدر: تقول له.
(8) في المصدر: الحلاج.
(٤٩)
مفاتيح البحث: الصبر (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»
الفهرست