يا زينة النساء من بني النجار * بالله اسدلي عليه بالأستار واحجبيه عن أعين النظار * كي تسعدي في جملة الأقطار قال: فلما سمعت شعر الهاتف أغلقت بابها، وأسدلت سترها، وكتمت أمرها، فبينما هي تعالج نفسها إذ نظرت إلى حجاب من نور قد ضرب عليها من البيت إلى عنان السماء، وحبس الله عنها الشيطان الرجيم، فولدت شيبة الحمد، وقامت وتولت أمرها (1)، ولما وضعته سطع منه (2) نور شعشعاني، وكان ذلك النور نور رسول الله صلى الله عليه وآله، فضحك وتبسم (3)، فتعجبت أمه من ذلك، ثم نظرت إليه فإذا هي بشعرة بيضاء تلوح في رأسه، فقالت: نعم أنت شيبة كما سميت، ثم إن سلمى درجته في ثوب من صوف وقمطته وهيأته ولم تعلم به أحدا " من قومها حتى مضت له أيام، وصارت تلاعبه ويهش إليها، فلما كمل له شهر علم الناس فأقبلت القوابل إليها فوجودها تلاعبه (4)، فلما صار له شهران مشى ولم يكن على اليهود أشد منه (5) وأكثر ضررا "، وكانوا إذا نظروا إليه امتلؤا غيظا " وخنقا " (6) لما يعلمون بما سيظهر منه من تدميرهم، وخراب أوطانهم وديارهم، وقطع آثارهم (7)، وكانت أمه إذا ركبت ركب معها أبطال الأوس والخزرج، وكانت مطاعة بينهم (8)، وكان إذا خرج يلعب يقفون (9) الناس من حوله يفرحون به أولادهم (10)، وكانت أمه لا تأمن عليه أحدا "، فلما تم له سبع سنين اشتد حبله، وقوى بأسه، وتبين
(٥٦)