بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٥٤
وابكى لاكرم من مشى فوق الثرى * فلأجله قد أردفت زفراتي قال: وسار القوم حتى أشرفوا على يثرب فبكو بكاء " شديدا "، ونادوا: وا هاشماه، وا عزاه، وخرج الناس وخرجت سلمى وأبوها وعشيرتها فنظروا وإذا " بخيل هاشم قد جزوا نواصيها وشعورها، وعبيد هاشم يبكون (1)، فلما سمعت سلمى بموت هاشم مزقت أثوابها، ولطمت خدها، وقالت: وا هاشماه، مات والله لفقدك الكرم والعز من بعدك، يا هاشماه يا نور عيني من لولدك الذي لم تر عيناك؟ قال: فضج الناس بالبكاء والنحيب، ثم إن سلمى أخذت سيفا " من سيوف هاشم وعطفت به على ركابه وعقرتها عن آخرها، وحسبت ثمنها على نفسها، وقالت لوصي هاشم: اقرأ المطلب عني السلام وقل له: إني على عهد أخيه، وإن الرجال بعده علي حرام، ثم إن العبيد والغلمان ساروا إلى مكة وقد سبقهم الناعي إلى أولاده وعياله، فأكثر أهل مكة البكاء والنحيب، وخرج الرجال وخرجت نساء قريش منشرات الشعور، ومشققات الجيوب، وخرجت نساء سادات بني عبد مناف، وتقدمت خلادة (2) تلومهم حيث إنهم لم يحملوه إلى الحرم وأنشأت تقول:
يا أيها الناعون أفضل من مشى * الفاضل بن الفاضل بن الفاضل أسد الثرى ما زال يحمي أهله * من ظالم أو معتد بالباطل ماضي العزيمة أروع ذي همة * عليا وجود كالسحاب الهاطل زين العشيرة كلها وعمادها * عند الهزاهز طاعن بالذابل (3) إن السميدع قد مضى (4) في بلدة * بالشام بين صحاصح وجنادل قال: فلما فرغت من شعرها أتت إليهم بنته الشعثاء فحثت التراب على وجههم،

(1) في المصدر: وخرجت سلمى وأبوها وقومها فنظروا إلى مطايا هاشم قد قصوا نواصيها و شعورها، وكل جنيبه ومطية عليها من أثواب هاشم، وعبيدة وأصحابه يبكون.
(2) في المصدر: خالدة بنت الورقاء.
(3) أي بالرمح الدقيق.
(4) ان السميدع قد ثوى خ ل السميدع: السيد الكريم. الشريف. الشجاع.
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»
الفهرست