بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٥٢
بكلامك، فأنا أسأل الله العظيم أن يردك سالما "، ثم خرج هاشم وأخوه المطلب وأصحابه وأقبل عليهم وقال: يا بني أبي وعشيرتي من بني لوي إن الموت سبيل لابد منه، وأنا غائب عنكم، ولا أدري أني أرجع إليكم أم لا، وأنا أوصيكم: إياكم والتفرق والشتات فتذهب حميتكم، وتقل قيمتكم، ويهين قدركم عند الملوك، ويطمع فيكم الطامع، فهل أنت يا أخي لما أقول لك سامع؟ وإني مخلف فيكم ومقدم عليكم أخي المطلب دون إخوتي، لأنه من أبي وأمي، وأعز الخلق عندي، وإن سمعتم وصيتي وقدمتموه وسلمتم إليه مفاتيح الكعبة وسقاية الحاج ولواء نزار وكل ما كان من مكارم الأنبياء سعدتم (1)، وإني أوصيكم بولدي الذي اشتملت عليه سلمى، فإنه سيكون له شأن عظيم، ولا تخالفوا قولي، قالوا: سمعنا وأطعنا غير أنك كسرت قلوبنا بوصيتك، وأزعجت أفئدتنا بقولك، قال: ثم إن هاشما " سافر إلى غزة (2) الشام فحضر موسمها وباع أمتعته وشرى ما كان يصلح له، واشترى لسلمى طرفا " وتحفا "، ثم إنه تجهز للسفر فلما كان الليلة التي عزم فيها على الرحيل طرقته حوادث الزمان، وأتته العلة، فأصبح مثقلا، وارتحل رفقاءه وبقي هاشم وعبيدة وأصحابه (3)، فقال لهم: ألحقوا بأصحابكم فإني هالك لا محالة، وارجعوا إلى مكة وإن مررتم على يثرب (4) فاقرءوا زوجتي سلمى عني السلام، وأخبروها بخبري، وعزوها في شخصي، وأوصوها بولدي، فهو أكبر همي، ولو لاه ما نلت أمري، فبكى القوم بكاء شديدا " فقالوا: ما نبرح عنك حتى ننظر ما يكون من أمرك، وأقاموا يومهم (5)، فلما أصبحوا ترادفت (6) عليه الأمراض، فقالوا له: كيف تجد نفسك؟ فقال:

(1) في المصدر: ولواء نزار، ونعل شيث، وقميص إبراهيم، وقوس إسماعيل، وخاتم نوح والحجابة والرفادة وكل ما كان من مكارم الأنبياء، وكل ما كان لعبد مناف، فان فعلتم ذلك سعدتم.
(2) غزة بفتح أوله وتشديد ثانيه وفتحه: مدينة في أقصى الشام من ناحية مصر، بينها و بين عسقلان فرسخان أو أقل، وفيها مات هاشم وبها قبره ولذا يقال لها: غزة هاشم.
(3) في المصدر: وغلمانه وأصحابه.
(4) بيثرب خ ل وفي المصدر: إلى يثرب.
(5) ليلتهم خ ل.
(6) أي تتابعت.
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»
الفهرست