بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٤٣
زينتهم، فلبسوا ما كان عندهم من الثياب، وما قد أعدوه للزينة والجمال، وأظهروا التيجان والجواشن والدروع والبيض، فأقبلوا يريدون سوق بني قينقاع وقد شدوا لواء نزار على قناة، وأحاطوا بهاشم عن يمينه وشماله، ومشى قدامه العبيد وأبو سلمى معهم وأكابر قومه، ومعهم جماعة من اليهود، فلما أشرفوا على السوق وكان تجتمع إليه الناس من أقاصي البلاد وأقطارها (1) وأهل الحضر وسكانها، فنظر القوم إلى هاشم وأصحابه وتركوا معاشهم (2) وأقبلوا ينظرون إلى هاشم ويتعجبون من حسنه وجماله، وكان هاشم بين أصحابه كالبدر المنير بين الكواكب، وعليه السكينة والوقار، فأذهل بجماله أهل السوق، وجعلوا ينظرون إلى النور الذي بين عينيه، وكانت سلمى بنت عمرو واقفة مع الناس تنظر إلى هاشم وحسنه وجماله وما عليه من الهيبة والوقار، إذ أقبل عليها أبوها وقال لها:
يا سلمى أبشرك بما يسرك ولا يضرك، وكانت معجبة بنفسها من حسنها وجمالها، فلما نظرت إلى هاشم وجماله نسيت حسنها وجمالها (3)، وقالت: يا أبت بما تبشرني؟ قال:
إن هذا الرجل، إليك خاطب، وفيك راغب، وهو يا سلمى من أهل الكفاف والعفاف والجود والأضياف هاشم بن عبد مناف، وإنه لم يخرج من الحرم لغير ذلك، فلما سمعت سلمى كلام أبيها أعرضت عنه بوجهها وأدركها الحياء منه فأمسكت عن الكلام، ثم قالت: يا أبت إن النساء يفتخرون على الرجال بالحسن والجمال والقدر والكمال، وإذا كان زوج المرأة سيدا " من سادات العرب وكان مليح المنظر والمخبر فما أقول لك، وقد عرفت ما جرى بيني وبين أحيحة بن الجلاح (4) الأوسي وحيلتي عليه حتى خلعت نفسي منه لما علمت أنه لم يكن من الكرام، وإن هذا الرجل يدل عظمته ونور وجهه على مروته، وإحسانه يدل على فخره، فإن يكن القوم كما ذكرت قد خطبونا ورغبوا فينا فإني فيهم راغبة،

(1) أقفارها خ ل.
(2) في المصدر: فلما أشرف هاشم على السوق وأصحابه، ونظروا إلى هاشم وأصحابه تركوا معاشهم.
(3) في المصدر: نسيت نفسها وانحقرت.
(4) في المصدر: الحلاج.
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»
الفهرست