بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٤٥
فوالله لو ملا لي حصنا " من المال ما قبلته، ولو ملا لي حصون خيبر ذهبا " وفضة ما رغبت فيه لهذه الخصال التي ذكرت، ولقد كنت أجبته ورغبت فيه وقد قلت رغبتي فيه لهذه الخصال، اذهب عني، فانصرف عنها وتركها في همها وغمها، ثم إن إبليس لعنه الله تصور لها بصورة أخرى وزعم أنه من أصحاب هاشم وذكر لها مثل الأول، فقالت: أوليس الذي قد أرسلتك إليه أنه لا يرسل إلي رسولا " بعد ذلك، فسكت إبليس لعنه الله، فقالت: إن أرسل رسولا " بعدك أمرت بضرب عنقه، فخرج إبليس فرحا " مسرورا " وقد ألقى في قلبها البغضة لهاشم، وظن أن هاشما " يرجع خائنا "، فعند ذلك دخل عليها أبوها فوجدها في سكرتها وحيرتها، فقال: يا سلمى ما الذي حل بك هذا اليوم وهذا يوم سرورك؟!
فقالت: يا أبت لا تزيدني كلاما "، فقد فضحتني وأشهرت أمري، أردت أن تزوجني برجل ملول للنساء، كثير الطلاق، جبان في الحروب، فضحك أبوها وقال: يا سلمى والله ما لهذا الرجل شئ من هذه الخصال الثلاث، وإنه إلى كرمه الغاية، وإلى جوده النهاية، وإنما سمي هاشما " لأنه أول من هشم الثريد لقومه، وأما قولك: كثير الطلاق فإنه ما طلق امرأة قط، وأما قولك: جبان فهو واحد أهل زمانه في الشجاعة، وإنه لمعروف عند الناس بالجواب والخطاب والصواب (1)، فقالت: يا أبت لو أنه ما جائني عنه إلا واحد كذبته وقلت: إنه عدو، فقد جاءني ثلاثة نفر كل واحد منهم يقول مثل مقالة الاخر، فقال أبوها: ما رأينا منه رسولا ولا جاءنا منه خبر، وكان الشيطان يظهر لهم في ذلك الزمان ويأمرهم وينهاهم، وقد صح عندها ما قاله الشيطان الرجيم وهي تظن أنه من بني آدم، وهاشم لا يعلم شيئا " من ذلك (2)، وكان قد عول على جمع من قومه في خطبتها (3)، ثم إن سلمى خرجت في بعض حوائجها وهي تحب أن تنظر إلى هاشم،

(1) في المصدر، والضراب مكان والصواب.
(2) في المصدر، بعد قوله: منه خبر: وانى ورائك معلوم (كذا) الساعة، ثم خرج من عندها وتركها في همها وغمها، وقد صح عندها قول الشيطان وأخذ بعقلها، وكان الشيطان في ذلك الزمان يظهر لهم ويأخذ بعقولهم ويأمرهم وينهاهم، ويظنون أنه من بني آدم، وهاشم لا يعلم شيئا من ذلك.
(3) وقد عول على خطبتها في غد في جمع من ذلك خ ل ومثله ما في المصدر. قوله: عول أي جزم واعتمد.
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»
الفهرست