ومصادر أمور الناس ومواردها، وسلموا إليه لواء نزار، وقوس إسماعيل عليه السلام، وقميص إبراهيم عليه السلام، ونعل شيث عليه السلام، وخاتم نوح عليه السلام، فلما احتوى على ذلك كله ظهر فخره ومجده، وكان يقوم بالحاج (1) ويرعاهم، ويتولى أمورهم ويكرمهم، ولا ينصرفون إلا شاكرين.
قال أبو الحسن البكري: وكان هاشم إذا أهل (2) هلال ذي الحجة يأمر الناس بالاجتماع إلى الكعبة، فإذا اجتمعوا قام خطيبا " (3) ويقول: (معاشر الناس إنكم جيران الله وجيران بيته، وإنه سيأتيكم في هذا الموسم زوار بيت الله وهم أضياف الله، والأضياف هم أولى بالكرامة، وقد خصكم الله تعالى بهم وأكرمكم، وإنهم سيأتونكم شعثا " غبرا " من كل فج عميق، ويقصدونكم من كل مكان سحيق، فأقروهم (4) واحموهم وأكرموهم يكرمكم الله تعالى) وكانت قريش تخرج المال الكثير من أموالهم، وكان هاشم ينصب أحواض الأديم (5)، ويجعل فيها ماء من ماء زمزم، ويملي باقي الحياض من سائر الابار بحيث تشرب الحاج (6)، وكان من عادته أنه يطعمهم قبل التروية بيوم، وكان يحمل لهم الطعام إلى منى وعرفة، وكان يثرد لهم اللحم والسمن والتمر، ويسقيهم اللبن إلى حيث (7) تصدر الناس من منى، ثم يقطع عنهم الضيافة.
قال أبو الحسن البكري: بلغنا أنه كان بأهل مكة ضيق وجدب وغلاء، ولم يكن عندهم ما يزودون به الحاج، فبعث هاشم إلى نحو الشام أباعر، فباعها واشترى بأثمانها