بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٣٤
لينظروا إلى نور ولدك محمد صلى الله عليه وآله، قال: يا رب اجعله أمامي حتى تستقبلني الملائكة، فجعله في جبهته، فكانت الملائكة تقف قدامه صفوفا، ثم سأل آدم عليه السلام ربه أن يجعله في مكان يراه آدم، فجعله في الإصبع السبابة، فكان نور محمد صلى الله عليه وآله فيها، ونور علي عليه السلام في الإصبع الوسطى، وفاطمة عليها السلام في التي تليها، والحسن عليه السلام في الخنصر، والحسين عليه السلام في الابهام، وكانت أنوارهم كغرة الشمس في قبة الفلك، أو كالقمر في ليلة البدر، وكان آدم عليه السلام إذا أراد أن يغشي حواء يأمرها أن تتطيب وتتطهر، ويقول لها: يا حواء الله يرزقك هذا النور ويخصك به، فهو وديعة الله وميثاقه، فلم يزل نور رسول الله صلى الله عليه وآله في غرة آدم عليه السلام حتى حملت حواء بشيث، وكانت الملائكة يأتون حواء ويهنؤنها، فلما وضعته نظرت بين عينيه إلى نور رسول الله صلى الله عليه وآله يشتعل اشتعالا "، ففرحت بذلك، وضرب جبرئيل عليه السلام بينها وبينه حجابا " من نور (1) غلظه مقدار خمسمأة عام، فلم يزل محجوبا " محبوسا " حتى بلغ شيث عليه السلام مبالغ الرجال، (2) والنور يشرق في غرته، (3) فلما علم آدم عليه السلام أن ولده شيث بلغ مبالغ الرجال قال له: يا بني إني مفارقك عن قريب، فادن مني حتى آخذ عليك العهد والميثاق كما أخذه الله تعالى على من قبلك، ثم رفع آدم عليه السلام رأسه نحو السماء وقد علم الله ما أراد، فأمر الله الملائكة أن يمسكوا عن التسبيح ولفت (4) أجنحتها، وأشرفت سكان الجنان من غرفاتها، وسكن صرير أبوابها، وجريان أنهارها، وتصفيق أوراق أشجارها، وتطاولت لاستماع ما يقول آدم عليه السلام، ونودي: يا آدم قل ما أنت قائل، فقال آدم عليه السلام: اللهم رب القدم قبل النفس، ومنير القمر والشمس، خلقتني كيف شئت، وقد أودعتني هذا النور الذي أرى منه التشريف والكرامة (5)، وقد صار

(1) في المصدر: فضرب جبرئيل بينها وبين إبليس حجابا من نور غلظه خمسمأة عام، فلم يزل إبليس محجوبا اه‍ وكذا في اثبات الوصية.
(2) في المصدر وفي اثبات الوصية: حتى بلغ شيث سبع سنين.
(3) في المصدر: من غرته إلى السماء.
(4) في المصدر: فأمر الله الملائكة أن يمسكوا عن التسبيح حتى يسمعوا ما يقول آدم، فهد الملائكة عن التسبيح ولفت أجنحتها اه‍ قلت: فهد مصحف فهدء أي فسكن، واللف: ضد النشر.
(5) في المصدر: أنالني عنه التشريف والكرامة.
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»
الفهرست