بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٤٢
قد رغبت في هذا الرجل أكثر من رغبته (1) فينا، غير أني أخبركم أن أمري دون أمرها (2)، وها أنا أسير معكم إليها، فانزلوا يا خير زوار، ويا فخر بني نزار، قال: فنزل هاشم وأخوه وأصحابه وحطوا رحالهم ومتاعهم، وسبق أبوها عمرو إلى قومه، ونحر لهم النحاير، وعقر لهم العقاير، وأصلح لهم الطعام، وخرجت لهم العبيد بالجفان، فأكلت القوم منه حسب الحاجة، ولم يبق من أهل يثرب أحد إلا خرج ينظر إلى هاشم ونور وجهه، وخرج الأوس والخزرج والناس متعجبين من ذلك النور، وخرج اليهود، فلما نظروا إليه عرفوه بالصفة التي وجدوها في التوراة والعلامات، فعظم ذلك عليهم، وبكوا بكاء شديدا "، فقال بعض اليهود لحبر من أحبارهم: ما بكاءكم؟ قال: من هذا الرجل الذي يظهر منه سفك دمائكم (3) وقد جاءكم السفاك القتال الذي تقاتل معه الاملاك المعروف في كتبكم بالماحي، وهذه أنواره قد ابتدرت، قال: فبكى اليهود من قوله، وقالوا له:
يا أبانا فهل هذا الذي ذكرت نصل إلى قتله، ونكفي شره؟ فقال لهم: هيهات حيل بينكم وبين ما تشتهون، وعجزتم عما تأملون، إن هذا هو المولود الذي ذكرت لكم، تقاتل معه الاملاك من الهواء، ويخاطب من السماء، ويقول: قال جبرئيل عن رب السماء (4)، فقالوا: هذا تكون له هذه المنزلة؟ قال: أعز (5) من الولد عند الوالد، فإنه أكرم أهل الأرض على الله تعالى، وأكرم أهل السماوات، فقالوا: أيها السيد الكريم نحن نسعى في إطفاء ضوء هذا المصباح قبل أن يتمكن ويحدث علينا منه كل مكروه، وأضمر القوم لهاشم العداوة، وكان بدء عداوة اليهود من ذلك اليوم لرسول الله صلى الله عليه وآله، فلما أصبح هاشم أمر أصحابه أن يلبسوا أفخرج أثوابهم، وأن يظهروا

(1) في المصدر: رغبتكم.
(2) في المصدر: إن أمرها دون أمري ولعله مصحف.
(3) في المصدر: قال: من هذا الرجل الذي يظهر ما يكون منه خراب دياركم، وقد جاءكم (4) زاد في المصدر: وأمرت ونهيت.
(5) في المصدر: فقالوا: هذا يكون بمنزلة الولد فإنه أكرم أهل الأرض اه‍. ولعل فيه سقط وصوابه: فقالوا: هذا يكون بمنزلة الولد؟ قال: أعز من الولد عند الوالد، فإنه أكرم أهل الأرض إه‍.
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»
الفهرست