كعكا " (1) وزيتا "، ولم يترك عنده من ذلك قوت يوم واحد، بل بذل ذلك كله للحاج، فكفاهم جميعهم (2)، وصدر الناس يشكرونه في الآفاق، وفيه يقول الشاعر:
يا أيها الرجل المجدر حيله (3) * هلا مررت بدار عبد مناف؟!
ثكلتك أمك لو مررت ببابهم * لعجبت من كرم ومن أوصاف.
عمرو العلاء هشم الثريد لقومه * والقوم فيها مسنتون (4) عجاف بسطوا إليه الرحلتين كليهما * عند الشتاء ورحلة الاصياف قال: فبلغ خبره إلى النجاشي ملك الحبشة، وإلى قيصر ملك الروم، فكاتبوه و راسلوه أن يهدوا له بناتهم رغبة في النور الذي في وجهه، وهو نور محمد صلى الله عليه وآله، لأن رهبانهم وكهانهم أعلموهم بأن ذلك النور نور رسول الله صلى الله عليه وآله، فأبى هاشم عن ذلك، وتزوج من نساء قومه، ورزق منهن أولادا "، وكان أولاده الذكور أسد ومضر (5) وعمرو وصيفي، وأما البنات فصعصعة (6) ورقية وخلادة (7) والشعثاء، فهذه جملة الذكور والإناث، و نور رسول الله صلى الله عليه وآله في غرته لم يزل، فعظم ذلك عليه وكبر لديه، فلما كان في بعض الليالي وقد طاف بالبيت سأل الله تعالى أن يرزقه ولدا " يكون فيه نور رسول الله صلى الله عليه وآله، فأخذه النعاس، فمال عن البيت، ثم اضطجع، فأتاه آت يقول في منامه: عليك بسلمى بنت عمرو فإنها طاهرة مطهرة الأذيال، فخذها، وادفع لها (8) المهر الجزيل، فلم تجد