فأقام بها حتى حضرته الوفاة، فأوصى به إلى عمه أبي طالب فكفله أبو طالب، وأقبل به إلى منزله، ودعا بزوجته فاطمة بنت أسد، وكانت شديدة المحبة لرسول الله صلى الله عليه وآله، شفيقة عليه، فقال لها أبو طالب: اعلمي أن هذا (1) ابن أخي، وهو أعز عندي من نفسي ومالي، و إياك أن يتعرض عليه (2) أحد فيما يريد، فتبسمت فاطمة من قوله، وكانت تؤثره على سائر أولادها، وكان لها عقيل وجعفر، فقالت له: توصيني في ولدي محمد وإنه أحب إلي من نفسي وأولادي، ففرح أبو طالب بذلك، فجعلت تكرمه على جملة أولادها، ولا تجعله يخرج عنها طرفة عين أبدا "، وكان يطعم من يريد فلا يمنع، وقد كان يشب في اليوم ما يشب غيره في السنة وينمو، فتعجب (3) أهل مكة من ذلك وحسنه وجماله، فلما نظر أبو طالب إلى حسنه وجماله قال: شعرا ":
نور وجهك الذي فاق في الحسن * على نور شمسنا والهلال أنت والله يا مناي وسؤلي * الذي فاق نوره المتعالي أنت نور الأنام من هاشم الغر * فقت كل العلا وكل الكمال وعلو الفخار والمجد أيضا * ولقد فقت أهل كل المعالي (4) ثم بعد ذلك شاع ذكره في البلاد (5)، ثم إنه توجه يوما " إلى نحو الكعبة وأهل مكة حولها، وكان قد عمروا فيها عمارة، وشالوا (6) الحجر الأسود من مكانه، فلما عزموا