بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٣٨٠
فرجحت بهم، ثم زاد عشرة فرجحت بهم، ثم قال (1): لو وزنته بجميع الأمم (2) لرجح بهم، ثم عرجا نحو السماء وأنا أنظر إليهما، فقالت حليمة لبعلها: الرأي أنا نحمل محمدا " إلى جده، فقال: يمنعني من ذلك خبث نفسي من فراقنا (3) له، وإنه أعز عندنا من الأولاد، فلما سمعت كلام بعلها قالت: ما يوصل هذا الصبي إلى جده إلا أنا بنفسي، ثم أقبلت إليه وقالت: يا ولدي إن جدك إليك مشتاق وعمومتك، فهل لك أن تسير إليهم؟
قال: نعم، فقامت حليمة وشدت على راحلتها وركبت، وأخذت محمدا " قدامها وسارت طالبة مكة، وكان عبد المطلب قد أنفذ إليها أن تحمل ولده إليه، فكانت إذا نزلت في هبوط ضمته إليها، وإذا رأت راكبا " غمته (4) خوفا " عليه إلى أن وصلت حيا " من أحياء العرب، وكان عندهم كاهن وقد سقط حاجباه على عينيه من طول السنين، والناس عاكفون عليه، فلما جازت عليهم غشي عليه، فلما أفاق قال: يا ويلكم بادروا إلى المرأة التي مرت راكبة، وخذوا منها الصبي الذي عندها واقتلوه قبل أن يخرب بلادكم، قالت حليمة: وإذا أنا بالرجال قد أقبلوا إلي، فوقعت عليهم ريح صرعتهم في الحال، فسرت عنهم ولم أحفل بهم (5)، وجعلت أسير حتى بلغت إلى مكة، فوضعت ولدي محمدا " صلى الله عليه وآله عند أناس جلوس، ومضيت عنه ناحية لحاجة، فسمعت وجبة وصوتا " عاليا "، فالتفت إلى ولدي فلم أره، فسألت عنه القوم الذين كانوا جلوسا " قالوا: ما رأيناه، فسألوني عن اسمه، فقلت: محمد بن عبد الله ابن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، فقلت: وحق الكعبة والمقام لئن لم أجده رميت بنفسي من أعلى هذا الحائط حتى أموت، وسألتهم وأخذت في جد السؤال فلم تعط خبرا "، فأخذت جيبها، ومزقت أثوابها (6)، ولطمت وجهها، وبكت وأكثرت البكاء، وحثت التراب على

(1) ثم قال له صاحبه خ لو وهو الموجود في المصدر.
(2) في المصدر: بالأمة.
(3) في المصدر: ثم أقبلت حليمة على بعلها وقالت له: الرأي المبارك أن توصل هذا الغلام إلى جده، فقال لها: دعيني من ذلك، فما تطيب نفسي بمفارقته.
(4) غيبته خ ل وهو الموجود في المصدر.
(5) أي لم ابال بهم ولا أهتم لهم.
(6) في المصدر: فلما سمعت كلامهم وضعت يدها في أطواقها، ومزقت ثيابها.
(٣٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 375 376 377 378 379 380 381 382 383 384 385 ... » »»
الفهرست