عمدت إليه وشدته من وسطه، وجعلت في رجليه نعلين، وأخذ بيده عكازا " (1)، وخرج مع إخوته، فلما رأى أهل الحي أتوا مسرعين إلى حليمة، فقالوا لها: كيف يطيب (2) قلبك بخروج هذا البدر وما يصلح له الرعاية؟ قالت: يا قوم ما الذي تأمرونني به ولقد نهيته فلم ينته، فأسأل الله تعالى أن يصرف عنه السوء، ثم قالت: شعرا ".
يا رب بارك في الغلام الفاضل * محمد سليل ذي الأفاضل وأبلغه في الأعوام غير آفل (3) * حتى يكون سيد (4) المحافل فلما كان (5) وقت العشاء أقبل مع إخوته كأنه البدر الطالع (6)، فقالت له: يا ولدي لقد اشتغلت قلبي بخروجك عني في هذه البرية، قالت حليمة: وكان في الغنم شاة قد ضربها ولدي ضمرة فكسر رجلها، فأقبلت إلى ولدي محمد صلى الله عليه وآله تلوذ به كأنها تشكوا إليه، فمسح عليها بيده، وجعل يتكلم عليها حتى انطلقت مع الأغنام كأنها غزال (7)، وكان كل يوم يظهر منه آيات ومعجزات، وكان إذا قال للغنم (8): سيري سارت، وإذا أمرها بالوقوف وقفت، وهي مطيعة له، فخرج في بعض الأيام مع إخوته وقد وصلوا إلى واد عشيب (9)، وكانت الرعاة تهابه لكثرة سباعه (10)، وإذا قد أقبل عليهم أسد وهو يزمجر (11)،