بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٣٧٧
عمدت إليه وشدته من وسطه، وجعلت في رجليه نعلين، وأخذ بيده عكازا " (1)، وخرج مع إخوته، فلما رأى أهل الحي أتوا مسرعين إلى حليمة، فقالوا لها: كيف يطيب (2) قلبك بخروج هذا البدر وما يصلح له الرعاية؟ قالت: يا قوم ما الذي تأمرونني به ولقد نهيته فلم ينته، فأسأل الله تعالى أن يصرف عنه السوء، ثم قالت: شعرا ".
يا رب بارك في الغلام الفاضل * محمد سليل ذي الأفاضل وأبلغه في الأعوام غير آفل (3) * حتى يكون سيد (4) المحافل فلما كان (5) وقت العشاء أقبل مع إخوته كأنه البدر الطالع (6)، فقالت له: يا ولدي لقد اشتغلت قلبي بخروجك عني في هذه البرية، قالت حليمة: وكان في الغنم شاة قد ضربها ولدي ضمرة فكسر رجلها، فأقبلت إلى ولدي محمد صلى الله عليه وآله تلوذ به كأنها تشكوا إليه، فمسح عليها بيده، وجعل يتكلم عليها حتى انطلقت مع الأغنام كأنها غزال (7)، وكان كل يوم يظهر منه آيات ومعجزات، وكان إذا قال للغنم (8): سيري سارت، وإذا أمرها بالوقوف وقفت، وهي مطيعة له، فخرج في بعض الأيام مع إخوته وقد وصلوا إلى واد عشيب (9)، وكانت الرعاة تهابه لكثرة سباعه (10)، وإذا قد أقبل عليهم أسد وهو يزمجر (11)،

(1) العكاز: عصا ذات زج في أسفلها، يتوكأ عليها الرجل.
(2) في المصدر: تطيب. وفيه: وما تصلح.
(3) ومشرق الأنوار غير آفل خ ل.
(4) قاضى خ ل.
(5) في المصدر: قال: ثم إنه مضى مع اخوته فلما كان إه‍.
(6) في المصدر بعد ذلك: يشرق منه نور ساطع، فقالت له: يا ولدى كيف ظل يومك هذا ولقد ظل قلبي مشغولا بك، وأنا أرجو من الله عز وجل أن يقيك شر ما أحاذره عليك، قالت: وكان في الغنم إه‍.
(7) في المصدر: كأنها غزال مسرعة لم يصبها شئ ابدا.
(8) في المصدر: وكانت الغنم مطيعة، له، إذا أمرها بالمسير سارت، وإذا أمرها بالوقوف وقفت، قالت حليمة: وإنه سرح ذات يوم مع إخوته يرعون وقد وصلوا إلى وادى عشب إه‍. قلت:
سرح الرجل: خرج في أموره.
(9) عشيب خ ل. قلت: عشب وعشيب: ذو العشب. كثير العشب، والعشب: الكلاء الرطب.
(10) في المصدر بعد ذلك: قالت حليمة: ثم إن محمدا أمر إخوته أن يدخلوا ذلك الوادي بغنمهم إذ اقبل عليهم أسد عظيم الخلقة، هائل المنظر، فلما طلع على أغنامهم فتح فاه.
(11) أي يردد الزئير.
(٣٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 ... » »»
الفهرست