بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٣٥٠
محمد صلى الله عليه وآله قطرة، وسالت من ذلك المطر الأودية، وصار الوحل في الأرض ما خلا طريق محمد صلى الله عليه وآله، وكان ينزل من تلك السحابة (1) ريش الزعفران، وسنابل المسك، وكان في تلك البرية نخلة يابسة عادية (2) قد يبست أغصانها، وتناثرت أوراقها منذ سنتين، فاستند النبي صلى الله عليه وآله إليها فأورقت وأرطبت وأثمرت وأرسلت ثمارها من ثلاثة أجناس: أخضر، وأحمر، واصفر، وقعد النبي صلى الله عليه وآله هنالك يكلم إخوته ورأي النبي صلى الله عليه وآله روضة خضراء، فقال: يا إخوتي أريد أن أمر بهذه الروضة، وكان وراء الروضة تل كؤود (3)، وعليه أنواع (4) النباتات، فقال: يا إخوتي ما ذلك التل؟ فقالوا له: يا محمد وراء ذلك التل البراري والمفاوز، فقال النبي صلى الله عليه وآله إني قد اشتهيت أن أنظر إليه، فقال القوم: نحن نمضي معك إليه، فقال لهم النبي صلى الله عليه وآله: بل اشتغلوا أنتم بأعمالكم، وأنا أمضي وحدي و أرجع إليكم سريعا " إن شاء الله تعالى، فقالوا جميعا ": مر (5) يا محمد فإن قلوبنا متفكرة بسببك.
قال الواقدي: ثم إن النبي صلى الله عليه وآله مر في تلك الروضة وحده ونظر إلى تلك البراري والمفاوز، وهو يعتبر ويتعجب من الروضة حتى بلغ التل، ونظر إلى جبل شاهق في الهواء كالحائط ولا يتهيأ له صعوده لاعتداله وارتفاعه في الهواء، فقال النبي صلى الله عليه وآله في نفسه: إني أريد أن أصعد هذا التل فأنظر إلى ما ورائه من العجائب.
قال الواقدي: فأراد النبي صلى الله عليه وآله أن يصعد الجبل فلم يتهيأ له ذلك لاستوائه في الهواء فصاح إستحيائيل في الجبل صيحة أرعشته فاهتز اهتزازا "، وقال له: أيها الجبل ويحك أطع محمدا " صلى الله عليه وآله خير المرسلين، فإنه يريد أن يصعد عليك، ففرح الجبل وتراكم بعضه إلى بعض كما يتراكم الجلد في النار، فصعد النبي صلى الله عليه وآله أعلاه، وكانت تحت

(1) في هامش المصدر: فقد نبت من تلك السحابة ظ.
(2) في المصدر: وكانت في تلك البرية شجرة طويلة عايشة عادية.
(3) كؤود: صعب شاق المصعد.
(4) في المصدر: ألوان.
(5) في نسخة من المصدر: سر.
(٣٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 345 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 ... » »»
الفهرست