بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٣٤٨
قال الواقدي: فلما حملت حليمة النبي صلى الله عليه وآله إلى حيها حين أخذته من عند عبد المطلب وكان لها اثنان وعشرون رأسا " من المواشي فوضعت في تلك السنة كل شاة توأما " ببركة النبي صلى الله عليه وآله، وخرج من عندها ولها ألف وثلاثون رأسا " من الشاغية والراغية.
قال الواقدي: وكان لرسول الله صلى الله عليه وآله إخوة من الرضاعة يخرجون بالنهار إلى الرعاية ويعودون بالليل إلى منازلهم، فرجعوا ذات ليلة مغمومين، فلما دخلوا الدار قالت لهم حليمة: مالي أراكم مغمومين؟ قالوا: يا امنا إن في هذا اليوم جاء ذئب وأخذ شاتين من شياهنا وذهب بهما، فقالت حليمة: الخلف والخير على الله تعالى، فسمع النبي قولهم، فقال لهم: لا عليكم، فإني أسترجع الشاتين من الذئب بمشية الله تعالى، فقال ضمرة: واعجبا " منك يا أخي قد أخذهما بالأمس، فكيف تسترجعهما باليوم؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: إنه صغير في قدرة الله تعالى، فلما أصبحوا قام ضمرة وأخذ رسول الله على كتفه فقال النبي صلى الله عليه وآله: مر بي إلى الموضع الذي أخذ الذئب فيه الشاتين، قال: فذهب برسول الله صلى الله عليه وآله إلى ذلك الموضع، فعند ذلك نزل النبي صلى الله عليه وآله عن كتف أخيه ضمرة وسجد سجدة لله تعالى وقال: الهي وسيدي ومولاي تعلم حق حليمة علي، وقد تعدى ذئب على مواشيها، فأسألك أن تلزم الذئب برد المواشي إلي، قال: فما استتم دعائه حتى أوحى الله تعالى إلى الذئب: أن يرد المواشي إلى صاحبها.
قال الواقدي: إن الذئب لما ذهب بالشاتين حين أخذهما نادى مناد: يا أيها الذئب احذر الله وبأسه (1) وعقوبته، واحفظ الشاتين اللتين أخذتهما حتى تردهما على خير الأنبياء والمرسلين، محمد بن عبد الله بن عبد المطلب صلى الله عليه وآله، فلما سمع الذئب النداء تحير ودهش، ووكل بهما راعيا " يرعاهما إلى الصباح، فلما حضر النبي عليه السلام ودعا بدعائه قام الذئب وردهما، وقبل قدم النبي صلى الله عليه وآله، وقال: يا محمد اعذرني فإني لم أعلم أنهما لك، فأخذ ضمرة الشاتين، ولم ينقص منهما شئ فقال ضمرة: يا محمد ما أعجب شأنك؟
وأنفذ أمرك؟ فبلغ ذلك عبد المطلب فأمرهم بكتمانه فكتموه مخافة أن يحسده قريش (2).

(1) في المصدر: من بأسه.
(2) في المصدر: مخافة أن يأخذوه قريش ويعملون في دمه.
(٣٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 ... » »»
الفهرست