بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٣٤٦
بيمينك، وتوسديه بيسارك، ولا تنبذيه وراء ظهرك، قالت حليمة: وحق رب السماء إني منذ وقع عليه نظري قد ثبت حبه في فؤادي، فلك السمع والطاعة يا أبا الحارث، ثم قال: وأما الشرط الثاني أن تحمليه إلي في كل جمعة حتى أتمتع برؤيته، فإني لا أقدر على مفارقته، قالت: أفعل ذلك إن شاء الله تعالى، فأمر عبد المطلب أن تغسل رأس محمد صلى الله عليه وآله فغسلت رأسه، ولففته في خرق السندس، ثم إن عبد المطلب دفعه إليها وأخذ أربعة آلاف درهم، وقال لها: يا حليمة (1) نمضي إلى بيت الله حتى أسلمه إليك فيه، فحمله على ساعده ودخل وطاف بالنبي صلى الله عليه وآله سبعا " وهو على ساعده ملففا " بخرق السندس، ثم إنه دفعه إليها وأربعة آلاف درهم بيض، وأربعين ثوبا " من خواص كسوته، ووهب لها أربع جوار رومية، وحلل سندس، ثم إن عبد الله بن الحارث أتى بالناقة فركبتها حليمة، وأخذت رسول الله صلى الله عليه وآله في حجرها وشيعه عبد المطلب إلى خارج مكة، ثم أخذت حليمة رسول الله صلى الله عليه وآله إلى جنبها من داخل خمارها، فلما بلغت حليمة حي بني سعد كشفت عن وجه رسول الله صلى الله عليه وآله فأبرق من وجناته نور فارتفع في الهواء طولا وعرضا " إلى أعنان السماء (2).
قال الواقدي: فلما رأى الخلق ذلك لم يبق في حي بني سعد صغير ولا كبير ولا شيخ ولا شاب إلا استقبلوا حليمة وهنأوها بما رزقها الله تعالى من الكرامة الكبرى، فذهبت حليمة إلى باب خيمتها وبركت الناقة والنبي صلى الله عليه وآله في حجرها، فما وضعته عند الصغير إلا حمله الكبير، وما وضعته عند الكبير إلا وأخذه الصغير، وذلك كله لمحبة النبي صلى الله عليه وآله.
قال الواقدي: فبقي النبي صلى الله عليه وآله عند حليمة ترضعه وكانت تقول: يا ولدي ورب السماء إنك لعندي أعز من ولدي ضمرة وقرة عيني، أترى أعيش حتى أراك كبيرا " كما رأتيك صغيرا "؟ وكانت تؤثر محمدا " على أولادها جدا "، ولا تفارقه ساعة (3).

(1) في المصدر: تعالى يا حليمة.
(2) في المصدر: حتى التزق بأعنان السماء.
(3) في المصدر: ولا تفارق محمدا عن عينيها.
(٣٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 ... » »»
الفهرست