نعم، فلا أهلا " بك ولا سهلا "، يا ابنة اللخناء (1)، قالت: أين نور الذي كان في غرتك؟
قال: في بطن زوجتي آمنة بنت وهب، قالت: لا شك أنها لذلك أهل، ثم نادت برفيع صوتها: يا ذوي العز والمراتب إن الوقت متقارب، وإن الامر لواقع، ما له من دافع، فتفرقوا عني، فقد جاء المساء، وفي الصباح يسمع مني الاخبار، وأوقفكم على حقيقة الآثار، فتفرقوا عنها.
قال: فلما مضى من الليل شطره مضت إلى سطيح، وقد خرج من مكة فقالت له: ما ترى؟
قال: أرى العجب، والوقت قد قرب، وحدثها بما قد جرى من قريش، قالت له: ما تشير به علي؟ قال لها: أما أنا فقد كبر سني ولولا خيفة العار لأمرت من يريحني من الحياة، ولكني سأذهب إلى الشام، وأقيم بها حتى يأتيني الحمام، فإنه لا طاقة لي به، فإنه المؤيد المنصور، ومن يعاديه مقهور، قالت: يا سطيح وأين أعوانك؟ لم لا يساعدونك على هذا الامر، و يعينونك على هلاك آمنة قبل أن يخرج من الأحشاء؟ قال لها: يا زرقاء وهل يقدر أحد أن يتعرض لآمنة، فإن من تعرض لها عاجله التدمير، من اللطيف الخبير، أما أنا وأصحابي فلا نتعرض لها، والآن أنصحك، فإياك أن تصلي إلى آمنة، فإن حافظها رب السماوات والأرض، فإن لم تقبلي، نصيحتي فدعيني وما أنا عليه، فلعلي (2) أموت الليلة أو غدا "، فلما سمعت مقالته أعرضت عنه، وباتت ليلتها ساهرة، فلما أصبح الصباح أقبلت إلى بني هاشم، وقالت: أنعم الله لكم الصباح، لقد أشرفت بكم المحافل (3)، ووفقتم، إذ ظهر فيكم المنعوت في التوراة والإنجيل والزبور والفرقان، فيا ويل من يعاديه (4)،