بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٢٨٨
في سقف البيت، وشق السقف، ورأت آمنة من نور وجهه كل منظر حسن وقصر بالحرم، وسط في تلك الليلة أربعة وعشرون (1) شرفا " من إيوان كسرى، وأخمدت في تلك الليلة نيران فارس، وأبرق في تلك الليلة برق ساطع في كل بيت، وغرفة في الدنيا ممن قد علم الله تعالى وسبق في علمه أنهم يؤمنون بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وآله، ولم يسطع في بقاع الكفر بأمر الله تعالى، وما بقي في مشارق الأرض ومغاربها صنم ولا وثن إلا وخرت على وجوهها ساقطة على جباهها خاشعة، وذلك كله إجلالا للنبي صلى الله عليه وآله.
قال الواقدي: فلما رأى إبليس لعنه الله تعالى وأخزاه ذلك وضع التراب على رأسه وجمع أولاده وقال لهم: يا أولادي اعلموا أنني ما أصابني منذ خلقت مثل هذه المصيبة، قالوا: وما هذه المصيبة؟ قال: اعلموا أنه قد ولد في هذه الليلة مولود اسمه محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله يبطل عبادة الأوثان، ويمنع السجود للأصنام، ويدعو الناس إلى عبادة الرحمن، قال:
فنثروا التراب على رؤوسهم، ودخل إبليس لعنه الله تعالى في البحر الرابع وقعد فيه للمصيبة هو وأولاده مكروبين أربعين يوما ".
قال الواقدي: فعند ذلك أخذت الحوريات محمدا " صلى الله عليه وآله ولففنه في منديل رومي، ووضعنه بين يدي آمنة، ورجعن إلى الجنة يبشرون الملائكة في السماوات بمولد النبي صلى الله عليه وآله، ونزل جبرئيل وميكائيل عليهما السلام ودخلا البيت على صورة الآدميين وهما شابان، ومع جبرئيل طشت من ذهب، ومع ميكائيل إبريق من عقيق أحمر، فأخذ جبرئيل رسول الله صلى الله عليه وآله وغسله، وميكائيل يصب الماء عليه فغسلاه، وآمنة في زاوية البيت قاعدة فزعة مبهوتة، فقال لها جبرئيل: يا آمنة لا نغسله من النجاسة، فإنه لم يكن نجسا "، ولكن نغسله من ظلمات بطنك، فلما فرغوا من غسله وكحلوا عينيه ونقطوا جبينيه بورقة كانت معهم مسك وعنبر وكافور مسحوق بعضه ببعض فذروه فوق رأسه صلى الله عليه وآله قالت آمنة:
وسمعت جلبة (8) وكلاما " على الباب، فذهب جبرئيل إلى الباب فنظر ورجع إلى البيت وقال: ملائكة سبع سماوات يريدون السلام على النبي صلى الله عليه وآله فاتسع البيت ودخلوا عليه

(1) تقدم قبلا أنه سقط أربعة عشر شرفا.
(2) الجلبة: اختلاط الأصوات والصياح.
(٢٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 ... » »»
الفهرست