عبد الله، فجاء بعد ذلك عبد المطلب إلى دار آمنة وطيب قلبها، ووهب لها في ذلك الوقت ألف درهم بيض، وتاجين قد اتخذهما عبد مناف لبعض بناته، وقال لها: يا آمنة لا تحزني فإنك عندي جليلة، لأجل من في بطنك ورحمك، فلا تهتك (1) أمرك، فسكتت (2) وطيب قلبها.
قال الواقدي: فلما أتى على رسول الله صلى الله عليه وآله في بطن أمه شهران أمر الله تعالى مناديا " في سماواته وأرضه أن ناد (3) في السماوات والأرض والملائكة: أن استغفروا لمحمد صلى الله عليه وآله وأمته، كل هذا ببركة النبي صلى الله عليه وآله.
قال الواقدي: فلما أتى على رسول الله صلى الله عليه وآله في بطن أمه ثلاثة أشهر كان أبو قحافة راجعا " من الشام، فلما بلغ قريبا " من مكة وضعت ناقته جمجمتها على الأرض ساجدة "، و كان بيد أبي قحافة قضيب فضربها بأوجع ضرب، فلم ترفع رأسها، فقال أبو قحافة: فما أرى ناقة تركت صاحبها، وإذا " بهاتف يهتف ويقول: لا تضرب يا أبا قحافة من لا يطيعك، ألا ترى أن الجبال والبحار والأشجار سوى الآدميين سجدوا لله، فقال أبو قحافة: يا هاتف وما السبب في ذلك؟ قال اعلم أن النبي الأمي قد أتى عليه في بطن أمه ثلاثة أشهر، قال أبو قحافة: ومتى يكون خروجه؟ قال: سترى يا أبا قحافة إن شاء الله تعالى، فالويل كل الويل لعبدة الأصنام من سيفه وسيف أصحابه، فقال أبو قحافة: فوقفت ساعة حتى رفعت الناقة رأسها، وجئت إلى عبد المطلب فأخبرته.
قال الواقدي: فلما أتى على رسول الله صلى الله عليه وآله أربعة أشهر كان زاهد على الطريق من الطائف، وكان له صومعة بمكة على مرحلة، قال: فخرج الزاهد وكان اسمه حبيبا، فجاء إلى بعض أصدقائه بمكة، فلما بلغ أرض الموقف، إذا " بصبي قد وضع جبينه على الأرض، وقد سجد على جمجمته، قال حبيب: فدنوت منه فأخذته، وإذا " بهاتف يهتف و يقول: خل عنه يا حبيب، ألا ترى إلى الخلائق من البر والبحر والسهل والجبل قد