بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٢٨٣
فواقعها، فحملت بسيد المرسلين وخاتم النبيين، وقام من عندها إلى عند أبيه فنظر إليه أبوه وإذا النور قد فارق من بين عينيه، وبقي عليه من أثر النور كالدرهم الصحيح، وذهب النور إلى ثدي آمنة، فقام عبد المطلب إلى عند آمنة ونظر إلى وجهها فلم يكن النور كما كان في عبد الله بل أنور، فذهب عبد المطلب إلى عند حبيب الراهب فسأله عن ذلك، فقال حبيب:
اعلم أن هذا النور هو صاحب النور بعينه، وصار في بطن أمه، فقام عبد المطلب وخرج مع الرجل وبقي عبد الله عند أهله إلى أن ذهبت الصفرة من يديه، وذلك أن العرب كانوا إذا دخلوا بأهلهم خضبوا أيديهم بالحناء، ولا يخرجون من عندهم وعلى أيديهم أثر من الحناء، وبقي عبد الله أربعين يوما "، وخرج ونظر أهل مكة إلى عبد الله والنور قد فارق موضعه، فرجع عبد المطلب من عند حبيب وقد أتى على رسول الله صلى الله عليه وآله شهر واحد في بطن أمه، ونادت الجبال بعضها بعضا "، والأشجار بعضها بعضا " والسماوات بعضها بعضا "، يستبشرون ويقولون: ألا إن محمدا " قد وقع في رحم أمه آمنة، وقد أتى عليه شهر ففرح (1) بذلك الجبال والبحار والسماوات والأرضون، فورد (2) عليه كتاب من يثرب بموت فاطمة بنت عبد المطلب، وكان في الكتاب أنها ورثت مالا " كثيرا " خطيرا "، فأخرج أسرع ما تقدر عليه، فقال عبد المطلب لولده عبد الله: يا ولدي لابد لك أن تجئ معي إلى المدينة، فسافر مع أبيه ودخلا مدينة يثرب، وقبض عبد المطلب المال، ولما مضى من دخولهما المدينة عشرة أيام اعتل عبد الله علة شديدة، وبقي خمسة عشر يوما "، فلما كان اليوم السادس عشر مات عبد الله، فبكى عليه أبوه عبد المطلب بكاء شديدا "، وشق سقف البيت لأجله في دار فاطمة بنت عبد المطلب، وإذا " بهاتف يهتف ويقول: قد مات من كان في صلبه خاتم النبيين، وأي نفر لا يموت؟ فقام عبد المطلب: فغسله و كفنه ودفنه في سكة يقال لها: شين، وبنى على قبره قبة عظيمة من جص وآجر، ورجع إلى مكة، واستقبلته رؤساء قريش وبنو هاشم، واتصل الخبر إلى آمنة بوفات زوجها، فبكت ونتفت شعرها، وخدشت وجهها، ومزقت جيبها، ودعت بالنائحات ينحن على

(1) في المصدر: فتفرح.
(2) في المصدر: ثم إن الله تعالى أراد قضاه على فاطمة بنت عبد المطلب فورد إه‍.
(٢٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 ... » »»
الفهرست