بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٢٩٣
يسبح الله تعالى بتلك الخرز.
قال الواقدي: فلما كان اليوم الرابع جاء سواد بن قارب (1) إلى عبد المطلب، و كان عبد المطلب قاعدا على باب بيت الله الحرام وقد حف به قريش وبنو هاشم، فدنا سواد بن قارب وقال: يا أبا الحارث اعلم أني قد سمعت أنه قد ولد لعبد الله ذكر، وأنهم يقولون فيه: عجائب، فأريد أن أنظر إلى وجهه هنيئة، وكان سواد بن قارب رجلا إذا تكلم سمع منه، وكان رجلا " صدوقا "، فقام عبد المطلب ومعه سواد بن قارب وجاء إلى دار آمنة رضي الله عنها ودخلا جميعا " والنبي صلى الله عليه وآله نائم، فلما دخلا القبة قال عبد المطلب: اسكت يا سواد حتى ينتبه من نومه، فسكت فدخلا قليلا قليلا حتى دخلا القبة، ونظر إلى وجه النبي صلى الله عليه وآله وهو في مهده نائم، وعليه هيئة الأنبياء، فلما كشف الغطاء عن وجهه برق من وجهه برق شق السقف بنوره، والتزق بأعنان (2) السماء، فالقى عبد المطلب وسواد أكمامهما على وجهيهما من شدة الضوء، فعندها انكب سواد على النبي صلى الله عليه وآله وقال لعبد المطلب: أشهدك على نفسي أني آمنت بهذا الغلام، وبما يأتي به من عند ربه، ثم قبل وجنات (3) النبي صلى الله عليه وآله وخرجا جميعا "، ورجع سواد إلى موضعه، وبقي عبد المطلب فرحا " نشيطا.
قال محمد بن عمر الواقدي: فلما أتى على النبي صلى الله عليه وآله شهر كان إذا نظر إليه الناظرون توهموا أنه من أبناء سنة لوقارة جسمه، وتمام فهمه، وكانوا يسمعون من مهده التسبيح والتحميد والثناء على الله تعالى.
قال الواقدي: فلما أتى على رسول الله صلى الله عليه وآله شهران مات وهب جده أبو أمه آمنة، وجاء عبد المطلب وجماعة من قريش وبني هاشم وغسلوا وهبا وحنطوه وكفنوه ودفنوه على ذيل الصفا (4).

(١) هو سواد بن قارب الأزدي الدوسي أو السدوسي، وكان كاهنا في الجاهلية، له صحبة، وكان شاعرا، قاله ابن الأثير في أسد الغابة - ٢: ٣٧٥.
(٢) في المصدر: في عنان السماء. قلت: عنان السماء: ما ارتفع منها وما بدا لك منها إذا نظرتها، وأعنانها: نواصيها وما اعترض من أقطارها.
(٣) الوجنة: ما ارتفع من الخدين.
(٤) الفضائل: ١٥ - 31.
(٢٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 ... » »»
الفهرست