لان الله تعالى بعثه بالسيف، وما بقي في تلك الليلة دير ولا صومعة إلا وكتب على محاريبها اسم محمد صلى الله عليه وآله، فبقيت الكتابة إلى الصباح حتى قرء الرهبانية والديرانية (1)، وعلموا أن النبي الأمي صلى الله عليه وآله قد ولد.
قال الواقدي: فعندها قامت آمنة رضي الله عنها وفتحت الباب، وصاحت صيحة وغشي عليها، ثم دعت بأمها برة وأبيها وهب وقالت: ويحكما أين أنتما؟ فما رأيتما ما جرى علي؟ إني وضعت ولدي، وكان كذا وكذا، تصف لهما ما رأته، قال: فقام وهب ودعا بغلام وقال: اذهب إلى عبد المطلب وبشره، وأهل مكة على المغاير (2) قد صعدوا والصروح ينظرون إلى العجائب ولا يدرون ما الخبر، وكذلك عبد المطلب قد صعد مع أولاده فما شعروا بشئ حتى قرع الغلام الباب، ودخل على عبد المطلب وقال: يا سيدنا أبشر فإن آمنة قد وضعت ولدا " ذكرا "، فاستبشر بذلك، وقال: قد علمت أن هذه براهين ودلائل لمولودي، فذهب عبد المطلب إلى آمنة مع أولاده ونظروا إلى وجه رسول الله صلى الله عليه وآله ووجهه كالقمر ليلة البدر يسبح ويكبر في نفسه، فتعجب منه عبد المطلب.
قال الواقدي: فأصبح أهل مكة يوم الثاني (3) ونظروا إلى القنديل وإلى السلسلة وإلى ريش الزعفران والعنبر ينزل من الغمامة، وإلى الأصنام وقد خرجن منكبات على وجوههن (4)، وبقى الخلق على ذلك، وجاء إبليس أخزاه الله على صورة شيخ زاهد وقال:
يا أهل مكة لا يهمنكم (5) أمر هذا فإنما أخرج الأصنام الليل العفاريت والمردة، وسجدوا لهن، فلا يهمنكم، وأمر إبليس لعنه الله أن تدخل الأصنام إلى جوف بيت الله الحرام ففعلوا ذلك، وإذا " بهاتف يهتف ويقول: جاء الحق وزهق الباطل،، إن الباطل كان زهوقا.
قال الواقدي: فأرسل الله تعالى إلى البيت جللا " من الديباج الأبيض مكتوب عليها