ثم أمر سبحانه آدم عليه السلام وولده أن يثنوا أعطافهم نحوه، فصار مثابة لمنتجع أسفارهم، وغاية لملقى رحالهم، تهوي (1) إليه ثمار الأفئدة من مفاوز (2) قفار سحيقة، ومهاوي (3) فجاج عميقة، وجزائر بحار منقطعة، حتى يهزوا مناكبهم ذللا يهلون لله حوله، ويرملون على أقدامهم شعثا غبرا له، قد نبذوا السرابيل وراء ظهورهم، وشوهوا بإعفاء الشعور (4) محاسن خلقهم، ابتلاء عظيما، وامتحانا شديدا، واختبارا مبينا، و تمحيصا بليغا، جعله الله تعالى سببا لرحمته، ووصلة إلى جنته، ولو أراد سبحانه أن يضع بيته الحرام ومشاعره العظام بين جنات وأنهار وسهل وقرار جم الأشجار (5) داني الثمار ملتف البنى، (6) متصل القرى، بين برة سمراء وروضة خضراء وأرياف محدقة، و عراص مغدقة، وزروع ناضرة، (7) وطرق عامرة لكان قد صغر قدر الجزاء على حسب ضعف البلاء، ولو كانت (8) الأساس المحمول عليها والأحجار المرفوع بها بين زمردة خضراء وياقوتة حمراء ونور وضياء لخفف ذلك مضارعة (9) الشك في الصدور، ولوضع مجاهدة إبليس عن القلوب، ولنفى معتلج الريب (10) من الناس، ولكن الله سبحانه يختبر
(٤٧٠)