ساعة واحدة، فمن ذا بعد إبليس يسلم على الله سبحانه بمثل معصية؟ كلا ما كان الله سبحانه ليدخل الجنة بشرا بأمر أخرج به منها ملكا، إن حكمه في أهل السماء وأهل الأرض لواحد، وما بين الله وبين أحد من خلقه هوادة (1) في إباحة حمى حرمه على العالمين.
فاحذروا عباد الله أن يعديكم بدائه، وأن يستفزكم بخيله ورجله، (2) فلعمري لقد فوق لكم سهم الوعيد، وأغرق لكم بالنزع الشديد، ورماكم من مكان قريب، وقال:
" رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين " قذفا بغيب بعيد، ورجما بظن مصيب، (3) فصدقه به أبناء الحمية، وإخوان العصبية، وفرسان الكبر والجاهلية حتى إذا انقادت له الجامحة منكم، واستحكمت الطماعية منه فيكم، فنجمت الحال من السر الخفي إلى الأمر الجلي، استفحل سلطانه عليكم، ودلف بجنوده نحوكم، فأقحموكم ولجات الذل، وأحلوكم ورطات القتل، وأوطؤوكم إثخان الجراحة طعنا في عيونكم، و حزا في حلوقكم، ودقا لمناخركم، وقصدا لمقاتلكم، وسوقا بخزائم القهر إلى النار المعدة لكم (4) فأصبح أعظم في دينكم جرحا، وأورى في دنياكم قدحا، من الذين أصبحتم لهم مناصبين، وعليهم متألبين، فاجعلوا عليه حدكم (5) وله جدكم، فلعمر الله لقد فخر على أصلكم، ووقع في حسبكم، ودفع في نسبكم، وأجلب بخيله عليكم، (6) وقصد برجله (7) سبيلكم، يقتنصونكم بكل مكان، ويضربون منكم كل بنان، لا تمتنعون بحيلة، ولا تدفعون بعزيمة في حومة ذل، وحلقة ضيق، وعرصة موت، وجولة بلاء، فأطفئوا ما كمن في قلوبكم من نيران العصبية