(باب 19) * (ما جرى بينه عليه السلام وبين إبليس لعنه الله) * 1 - أمالي الصدوق: ابن شاذويه، عن محمد الحميري، عن أبيه، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبان بن تغلب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما مضى لعيسى عليه السلام ثلاثون سنة بعثه الله عز وجل إلى بني إسرائيل، فلقيه إبليس على عقبة بيت المقدس وهي عقبة أفيق، (1) فقال له: يا عيسى أنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أن تكونت من غير أب؟ قال عيسى: بل العظمة للذي كونني، وكذلك كون آدم وحواء قال إبليس: يا عيسى فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تكلمت في المهد صبيا؟ قال عيسى: يا إبليس بل العظمة للذي أنطقني في صغري ولو شاء لأبكمني، قال إبليس:
فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تخلق من الطين كهيئة الطير فتنفخ فيه فيصير طيرا؟ قال عيسى: بل العظمة للذي خلقني وخلق ما سخر لي، قال إبليس: فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تشفي المرضى؟ قال عيسى: بل العظمة للذي بإذنه أشفيهم وإذا شاء أمرضني، قال إبليس فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تحيي الموتى؟ قال عيسى: بل العظمة للذي بإذنه أحييهم، ولا بد من أن يميت ما أحييت ويميتني، قال إبليس: يا عيسى فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنك تعبر البحر فلا تبتل قدماك ولا ترسخ فيه؟ قال عيسى: بل العظمة للذي ذلله لي ولو شاء أغرقني، قال إبليس: يا عيسى فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنه سيأتي عليك يوم تكون السماوات والأرض ومن فيهن دونك، وأنت فوق ذلك كله تدبر الامر، وتقسم الأرزاق؟ فأعظم عيسى عليه السلام ذلك من قول إبليس الكافر اللعين، فقال عيسى: سبحان الله ملء سماواته وأرضه، ومداد كلماته، وزنة عرشه، ورضى نفسه.
قال: فلما سمع إبليس لعنه الله ذلك ذهب على وجهه لا يملك من نفسه شيئا حتى وقع في اللجة الخضراء.