" نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين " فإن كان لابد من العصبية فليكن تعصبكم لمكارم الخصال، ومحامد الافعال، ومحاسن الأمور التي تفاضلت فيها المجداء والنجداء من بيوتات العرب، ويعاسيب القبائل، بالأخلاق الرغيبة، والأحلام العظيمة، والاخطار الجليلة، والآثار المحمودة، فتعصبوا لخلال الحمد من الحفظ للجوار، والوفاء بالذمام، (1) والطاعة للبر، والمعصية للكبر، والاخذ بالفضل، والكف عن البغي، والاعظام للقتل، والانصاف للخلق، والكظم للغيظ، واجتناب الفساد في الأرض.
واحذروا ما نزل بالأمم قبلكم من المثلات (2) بسوء الافعال، وذميم الاعمال، فتذكروا في الخير والشر أحوالهم، واحذروا أن تكونوا أمثالهم، فإذا تفكرتم في تفاوت حاليهم فالزموا كل أمر لزمت العزة به شأنهم، (3) وزاحت الأعداء (4) له عنهم، و مدت العافية فيه عليهم، وانقادت النعمة له معهم، ووصلت الكرامة عليه حبلهم، من (5) الاجتناب للفرقة، واللزوم للألفة، والتحاض عليها، والتواصي بها، واجتنبوا كل أمر كسر فقرتهم، وأوهن منتهم، من تضاغن القلوب، وتشاحن الصدور، (6) وتدابر النفوس، (7) وتخاذل الأيدي، وتدبروا أحوال الماضين من المؤمنين قبلكم كيف كانوا في حال التمحيص والبلاء، ألم يكونوا أثقل الخلائق أعباء؟ وأجهد العباد بلاء؟ وأضيق أهل الدنيا حالا؟ اتخذتهم الفراعنة عبيدا فساموهم سوء العذاب، وجرعوهم المرار، فلم تبرح الحال بهم في ذل الهلكة، وقهر الغلبة، لا يجدون حيلة في امتناع، ولا سبيلا إلى